الموت كأس دائر بين الورى ولابد لكل حي وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول، فهذا الكأس سيشرب منه الجميع يقول البارئ جل وعلا كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ففي اليوم الثامن من الشهر الخامس لهذا العام رحلت صاحبة القلب الطيب شاهرة القحطاني والدة الأخ والزميل العزيز ناصر بن محمد الناصر (أبو عبدالله).. «رحيل الأحبة أشد مرارة من الحنظل» ويزداد مرارة ووقعاً على النفس حينما تكون الراحلة أم فاضلة حنونة يحبها الجميع البعيد قبل القريب. فقد رحلت السيدة الكريمة (شاهرة القحطاني) عن عمر يناهز السبعين عاماً بعد أن تتابع عليها المرض والنصب لعدة أعوام وبالرغم من تعبها وملازمتها السرير لم تنس يوماً صلة الرحم والسؤال عن أقاربها ومعارفها فخصالها الجميلة وسجاياها الحسنة لا يمكن حصرها في سطور قليلة، فالذي عهد عنها حبها للخير والصلة ومساعدة المحتاج وإدخال السرور حتى على الصغار حينما كانت تعمل في إحدى المدارس في المحافظة لسنين عدة.
ولاشك أن من أعظم الأعمال عند الله سرور تدخله على مسلم، فكيف إذا كان المسلم صغيراً محتاجاً فرحيلها خسارة فادحة ومصاب جلل لذويها ومعارفها ولكل من له صلة بها من النساء في داخل المحافظة وخارجها.. فذكرها العطر وسيرتها الحسنة باقية في الأذهان وذاكرة الأحبة وكما قال الشاعر وقد أحسن الوصف حينما قال:
(إنما المرء حديث بعده
فكن حديثاً حسناً لمن وعى)
ولا شك أن الذكر الحسن والطيب بمثابة عمر آخر للإنسان فهناك أناس قد رحلوا عنا ولمن سيرتهم الحسنة تتداول بين الناس ثناء ودعاء لهم جراء ما قدموه في هذه الحياة الفانية فقد توافد الناس للمسجد الجامع بحي الحزم بمحافظة حريملاء للصلاة عليها ومن ثم تشييعها لتوارى الثرى بمقبرة صفية، فكم من ميت بين الأحياء وكم من ساكن بين اللحود ذو ذكر موجود يترحم عليه كلما جاء ذكره، فطبتِ يا أم ناصر حية وميتة.
وفي هذه العجالة نعزي أنفسنا قبل أبنائها وأقاربها في وفاتها -رحمها الله رحمة واسعة وجعل قبرها روضة من رياض الجنة، وأعليت منزلتها في الفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
عبدالعزيز بن سليمان الحسين - محافظة حريملاء