ودعت شعاب مكة وأوديتها وحرمها وبطاحها يوم الخميس 30- 4- 1436 هـ الموافق 19/ فبراير/ 2015 م معالي الفريق/ جابر عبد الحفيظ الغانمي، احد رجالات مدينة رابغ المشهودة بوقفاتها المشرّفة مع المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - رحمة الله - إبان توحيدة للمملكة خاصة فيما يعرف بحصار جدة، واحد رجالات الأمن الذين قدّموا خدمات جليلة لهذة البلاد الطاهرة، وافنى عمرة مخلصا وفيا أمينا لكل المهام التي كُلف بها طيلة فترة خدمتة والتي استمرت لأكثر من أربعين عاما.
ولد الفقيد في 1-7-1347 هـ بمدينة رابغ مسقط رأسه وأنهى المرحلة الابتدائية بها ثم ارتحل إلى مكة المكرمة والتحق بمدرسة الشرطة (هذة المدرسة كانت فيما بعد نواة لكلية قوى الأمن الداخلي والتي تغير مسماها إلى كلية الملك فهد الأمنية حاليا) وتخرج منها ضابطا وعُين في قطاع الدفاع المدني، ثم مالبث وأن انتقل إلى مديرية الأمن العام وتقلّد فيها عددا من المناصب الإدارية والقيادية منها:
مديرا لمرور العاصمة المقدسة، مديرا لشرطة العاصمة المقدسة، قائدا لقوات الحج والمواسم، قائدا لقوات أمن الحج، قائدا لقوة أمن الحرم المكي الشريف.
وكان خلال تقلّدة تلك المناصب يتصف بالخلق الرفيع، والإدارة الحازمة، والقيادة الميدانية المنضبطة، والتطوير الشامل، واحترام مرؤسية وتقديرهم.
كُلّف بالعديد من المهام الأمنية والتي منها، قيادة حملة ضبط المخالفين لأنظمة الإقامة الثانية بالمنطقة الغربية (منطقة مكة المكرمة حاليا) في ذلك الوقت عام 1398 هـ وكان إنجازه لها محل تقدير رؤسائه، وقيادة أمن الحج حيث كان مسئولا عن تصعيد الحجاج إلى منى ثم عرفات فالمزدلفة فمنى فمكة في ظروف صعبة، غير أن عزيمة الرجال تهون أمامها كل الصعاب، فأنهى مهمته بكل اقتدار، كما أنه أبدى حنكة وتخطيطا مميزا مع زملائه من مختلف القطاعات العسكرية لمواجهة الأحداث التي وقعت بالمسجد الحرام عام 1400 هـ، فكان أن أطلق عليه زملائه (بالمدرسة الأمنية) لاتساع خبرته وانضباطيته وحسن قيادته.
أبّنته صحيفة مكة أون لاين بتاريخ 30-4-1436 هـ، والتقت بأحد أبنائه وبعدد من رجالات الأمن والإعلام تحدثوا فيها عن الفقيد ومنهم ابنه معتز الذي وصف والده (بأنه إلى جانب صرامته في قراراته الأسرية كان حريصا على تعليم أبنائه وبناته بعدم تكرار الأخطاء)، وكذلك قال عنه الأخ اللواء متقاعد/ عبدالعزيز الزبيري (الفقيد يعد قائدا مميزا، أدار أمن الحج باقتدار، وكان يحظى بكثير من الاهتمام والدعم من قبل القيادة).
كما أبّنه الكاتب والإعلامي والتربوي الأستاذ/ خالد محمد الحسيني بمقال في صحيفة البلاد بتاريخ 5-5-1436 هـ وقال عنه (كان من أبرز رجال الأمن في بلادنا، قدّم الكثير للعمل الأمني في المرور وأعمال الحج وغيرها) كما وصفه بأنه كان صديقا للإعلاميين.
كما ابّنه الكاتب والإعلامي الأستاذ/ علي محمد الرابغي بمقال في صحيفة عكاظ بتاريخ 6-5-1436 هـ وقال عنه (فاضت روح الفريق جابر عبدالحفيظ الغانمي.... بعد حياة حافلة بالعطاء، تمرّغ فيها في غبار الأيام صغيرا، عاش وعايش اليتم والفقر والحاجة... وكانت والدته هي الضمانة الوحيدة والمرتكز الذي يتكئ عليه)، كما ذكر عنه موقفا بطوليا مشرّفا وهو (كان رحمة الله مسؤولا عن المرور في الحج فصدمته سيارة في موكب النفرة ورمته على الأرض في مشهد عجيب... وكان الفريق محمد الطيب التونسي -يرحمه الله - يومها مديرا للأمن العام، وملك احترامه وتقديره عندما هب واقفا، وأخذ يوالي مهمته في نبل وبسالة).
نعم إن مثل هذا الموقف يجب أن يسجل لمعاليه، وحريٌ أن يدرّس في الكليات والمعاهد العسكرية كنموذج للقائد الناجح.
كنت أحد المشاركين من ضباط الدفاع المدني بالعاصمة المقدسة في أحداث الحرم المكي الشريف التي وقعت صباح يوم الثلاثاء الأول من شهر محرم لعام 1400 هـ وكان الفقيد قائدا لقوة أمن الحرم المكي وبعد الانتهاء من تطهير المسجد الحرام يوم الأربعاء السادس عشر من شهر محرم لعام 1400 هـ، طلبت وزارة الداخلية من القطاعات العسكرية المشاركة في تطهير المسجد الحرام الرفع بأسماء المشاركين في تلك الأحداث لتكريمهم بمنحهم قطعة أرض وميدالية المسجد الحرام، فقام رحمة الله بتسجيل كافة أفراد القوة من الضباط والأفراد، ورفعها إلى رئيس اللجنة معالي الفريق/ يحيي المعلمي - رحمة الله - فاستكثر الأعداد وطلب من اللواء/ جابر أن يختصر الأعداد، إلا أنه قال مقولة مشهورة (هؤلاء كلهم شاركوا مشاركة فعلية، إن أردتم تكريمهم جميعا وإلا استبعادهم جميعا)، وفعلا كان له ذلك حيث كرموا جميعا ، وهذا يدل على قوة شخصيته ووقوفه إلى جانب مرؤوسيه الذين يحترمهم ويقدر جهودهم.
ونظير هذه الجهود وهذه التضحيات التي قدمها الفقيد في كل ميادين الأمن أصدر جلالة الملك خالد بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية والقائد الأعلى للقوات المسلحة - رحمة الله - أمرا ملكيا كريما برقم أ / 347 وتاريخ 27-7-1401 هـ بترقية الفقيد إلى رتبة فريق اعتبارا من تاريخ 18-4-1401هـ.
ولقد تلقى أفراد أسرته تعازي القيادة الرشيدة في فقيد الأمن، وكذلك من زملائه رجال الأمن وأسرته ومحبيه، وكل من عرفه شخصيا أو سمع عن أعماله وإنجازاته.
رحم الله أبا شكري رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته إنه ولي ذلك والقادر عليه.
اللواء متقاعد د. مساعد بن منشط اللحياني