د. أحمد الفراج
لم أصدق وأنا أسمع التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، والتي ذكر فيها أن المباحثات مع السفاح السوري بشار الأسد ممكنة، ومع أن هذا التوجه قد يكون تنفيذا لسياسة أمريكية رسمت سلفا بالاتفاق مع بعض الحلفاء الإقليميين، إلا أن مثل التصريح « المشين « يتواءم تماما مع سياسات ادارة اوباما، اذ إن الاسد هو الحليف المخلص لطهران، وادارة اوباما عزمت على المضي قدما في تنفيذ الاتفاق النووي، ولا يستبعد أن يكون التفاوض مع بشار شرطا إيرانيا، ومن يتابع الأحداث جيدا يدرك أنه لم يتبق لأوباما من مجد يحفظ به ماء وجهه إلا الاتفاق النووي، ويا له من مجد، أن تكون ضعيفا، ومنفذا لتوجيهات ملالي طهران، وهذا أمر يثير غضب حلفاء الولايات المتحدة العرب، والحزب الجمهوري، وكذلك الشعب الأمريكي، الذي اعتاد على امبراطورية تفرض رؤاها على الجميع حول العالم !.
وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري يشبه إدارة اوباما من وجوه كثيرة، فهو ضعيف الشخصية، ومتردد، وله تاريخ طويل بعدم القدرة على التعبير عما يريد بسلاسة، وهو أيضا ثري جدا، والوظيفة بالنسبة له لا تعني أكثر من برستيج، وقد كان كيري سببا لإعادة انتخاب الرئيس السابق جورج بوش الابن، في عام 2004، وقد كتبت تقريرا طويلا عن ذلك في حينه، وتناولت التقرير وسائل إعلام عربية كثيرة، اذ إنه لم يكن ممكنا لبوش الفوز في تلك الانتخابات، فقد كان في أسوأ حالاته، بعد كوارث احتلال العراق، ولذا ساهم ضعف منافسه الديمقراطي جون كيري بفوزه بفترة ثانية، وربما، أكرر ربما، لم يكن اختيار الرئيس اوباما لجون كيري لمنصب وزير الخارجية عشوائيا ابدا، فكيري يرتبط بعلاقة وثيقة جدا مع بشار الأسد، وهو من المؤيدين للحل السلمي مع ايران، وقد كرر مرارا بأنه يرغب في زيارة طهران، وقد تخوف أعضاء مجلس الشيوخ من مواقف كيري السياسية، وذلك عندما رشحه اوباما لوزارة الخارجية هذا، ولكنهم وافقوا على ترشيحه، في نهاية المطاف!!.
حسنا، وماذا بعد ؟!، لست ساذجا لأربط القرارات السياسية بالعاطفة، ولكن صدرت تقارير أمريكية تتحدث عن موقف كيري المتسامح جدا مع ايران، وملفها النووي، وعن علاقته ببشار الاسد، حليف طهران، وربطت هذه التقارير بين ذلك، وبين زواج ابنة جون كيري المدللة، فانيسا كيري من الطبيب « الإيراني «، بهروز (براين) ناهد، وأبشركم فقد رزقهما الله بولد، فهل يا ترى ستتبع هذه الولادة البشرية ولادة المحادثات الأمريكية - السورية، وتوقيع الاتفاق النووي بين أمريكا وايران ؟!، وغني عن القول أن جون كيري - ذاته - كان هو عراب المحادثات التي تمت بين ادارة اوباما وتنظيم الإخوان المسلمين، عندما كان عضوا في مجلس الشيوخ، وقبل أن يصبح وزيرا للخارجية، ومع كل ذلك سنقول: إن مجرد حديث كيري عن تفاهم مع السفاح بشار الأسد أشعل غضبا عربيا واسلاميا، فما بالك لو تمت فعلا هذه المحادثات، لأنه يستحيل أن يقبل الشعب السوري، ووراءه العرب والمسلمون، بحكم طاغية ومجرم، قتل ربع مليون إنسان، وهجر ملايين آخرين ، فهل يفهم كيري واوباما ذلك قبل فوات الأوان؟!!.