د. عبدالعزيز الجار الله
أطيل دائما في قراءة الكلمات الرسمية في افتتاحية المؤتمرات العلمية الأكاديمية، وأنا هنا لا أنحاز إلى فئة علمية أو مهنية أو تخصصية لكن افتتاحية المؤتمرات قد تكون قراءة مثقلة بالمضامين وخلاصة قول ولكوني مسكون بالتاريخ الحضاري لبلادنا وأرضنا السعودية المباركة وسيرة أجدادنا العطرة، وقفت أمام كلمة مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالنيابة الدكتور فوزان الفوزان في الحفل الذي رعاه الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله يوم الأربعاء الماضي في افتتاح المؤتمر العلمي الثاني عن تاريخ الملك عبدالعزيز حيث أشار د. الفوزان إلى عدة أبعاد:
تزخر هذه الفترة بوفرة المصادر وبلغات عدة بعد الكشف عن الكثير من مصادر المعرفة التاريخية والوثائق التي تناولت تاريخ الملك عبدالعزيز يرحمه الله، الذي يأتي بعد (30) سنة من عقد المؤتمر الأول.
التجربة الثرية -للملك عبدالعزيز- لتوحيد هذه البلاد ثم بناء الدولة تنموياً وحضارياً اجتذبت كثيراً من الباحثين والدارسين لتلمس العديد من الجوانب التي لم تحظ بالدراسات التاريخية المعمقة.
أقبل الباحثون في الشؤون التاريخية والسياسية والاقتصادية والحضارية من شتى أنحاء العالم، وبلغات مختلفة للمشاركة في المؤتمر.
ركز د. الفوزان على محاور أصيلة في بحث سيرة مؤسس هذه البلاد هي: تم كشف وترجمة ونشأة أبحاث عن الملك عبدالعزيز كانت مجهولة للباحثين خلال (30) سنة الماضية، دخول باحثين جدد بأجندة وآراء وأفكار تثري سيرة المؤسس، وفتح المجال لشريحة من الباحثين بلغات مختلفة ينتمون لمدارس بحثية مختلفة، تعمق البحث بعد التطور التقني وتوفر المعلومات السريعة، الترجمات، تواصل الباحثين، أيضا الانفتاح بين الثقافات وفر أبحاثاً وكتباً جديدة. لكن الأبرز -وهذا أشار إليه د.الفوزان- أن الإعداد للمؤتمر استمر لأربعة أعوام وهذا يعني أن إعداد معظم الأبحاث تمت وسط أحداث ومشاهد مروعة في الربيع العربي منذ عام 2010م، أي أن الباحثين شاهدوا كيف تفككت أطالس الوطن العربي وخرائطه السياسية وأقاليمه الحضارية، كيف انفصلت المدن وتباعدت الناحية عن الأخرى، كيف عصفت التيارات والجماعات والمذاهب والطوائف بالدول، كيف بيع الوطن العربي بالمزاد، وكيف عرف وأيقن الإنسان العربي والشقيق المسلم والمراقب الغربي أن الأوطان في بلاد العرب يمكن أن تختطف خلال أيام ولدينا نماذج: سوريا، ليبيا، اليمن، العراق، السودان، يقسم الوطن ويختطف بلمح البصر.
من هذا المنظور والمحددات: حرائق الوطن العربي وحرب الجماعات. تبرز لنا تجربة المملكة الناجحة بعد توفيق الله ودور الملك عبدالعزيز في التوحيد وبناء دولة بهذه الضخامة من المساحة الجغرافية وانتشار قبائلها في صحرائها المترامية، وتباعد أقاليمها وتعدد أطيافها الثقافية والعشائرية، قيام الدول ليس بالأمر الهين في أي ظرف تاريخي، وبالتالي المحافظة عليه واجب الجميع في التمسك به وعدم التفريط في أي مكون من مكوناته، وهي رسالة ثمينة من رسائل المؤتمر.