د. عبدالعزيز الجار الله
جاءت كلمة الملك سلمان - يحفظه الله - مساء يوم الثلاثاء الماضي 19- 6-1436هـ لطمأنة المجتمع السعودي والسوق الاقتصادي والحياة العامة في مجتمعنا بأن اقتصادنا والتنمية والتطوير لن يحدث لها - بإذن الله - الانكفاء الذي توقعته بعض التحليلات المحلية والتقارير الدولية بأن السعودية ستدخل في دورة اقتصادية خانقة ينعكس تأثيرها على دخل المجتمع، ويستدلون دائماً بتجربة الدورة الاقتصادية الأولى التي عاشتها المملكة (الطفرة الأولى 1975-1985م)، حيث أعقبت الطفرة الأولى انكماشة اقتصادية شديدة عُرفت بشد الحزام، تأثرت المملكة اقتصادياً وتنموياً بسبب عوامل انخفاض أسعار النفط وظروف إقليمية: حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران حتى عام 1988م، ثم احتلال العراق للكويت عام 1990م، وبعدها تحرير الكويت عام 1991م، وأخيراً احتلال أمريكا للعراق عام 2003م، وخلال تلك الفترة عاش العالم الهزات الاقتصادية الدولية.
إذن، بعد الدورة الاقتصادية الأولى والازدهار المالي الذي استمر (10) سنوات أعقبه انكماش حوالي (18) سنة بدأت بعدها بشائر دورة اقتصادية جديدة 2004م بعائدات نفط مالية عالية وأرباح اقتصادية استمرت حتى أواخر عام 2014م، لذا جاء خطاب الملك سلمان ليُوضح ويرسم مستقبل بلادنا للمرحلة القادمة، المستقبل الاقتصادي وإن كان متقلباً، والمستقبل التنموي وإن كان مرتبطاً بالازدهار الاقتصادي المحلي والعالمي، وأن ما حدث من انكماش في الدورة السابقة لن يتكرر - بإذن الله -، وهي تجربة استوعبتها المملكة وعاش تفاصيلها شريحة من المسئولين الحاليين من القيادة العليا ومن الوزراء والمستشارين والخبراء، ممن عرفوا أدق خفاياها وتقسيماتها الصغيرة في وزارات: المالية، البترول، التخطيط، والمؤسسات المالية والاجتماعية.. فجاءت كلمة الملك سلمان لتطمئن الرأي العام السعودي أن الدولة ماضية في تنميتها في التطوير وتوسيع دائرة الرقابة المالية والإدارية للتضييق على الفساد وعلى التراخي في تنفيذ المشروعات، وقد فصل فيها خادم الحرمين الملك سلمان بمحاور عدة منها:
إكمال ما أسسه من سبقونا من ملوك هذه البلاد - رحمهم الله -.
السعي نحو التنمية الشاملة والمتوازنة في مناطق المملكة والعدالة لجميع المواطنين.
التطوير سمة لازمة للدولة، وسوف يستمر التحديث وفقاً لما يشهده مجتمعنا من تقدم.
مراجعة لأنظمة الأجهزة الرقابية بما يكفل تعزيز اختصاصيتها، ويسهم في القضاء على الفساد ويحفظ المال العام ويضمن محاسبة المقصرين..
كان لارتفاع أسعار البترول آثار إيجابية على الاقتصاد، وسوف نعمل على اقتصاد قوي قائم على أسس متينة وتتعدد فيه مصادر الدخل وتنمو من خلاله المدخرات وإيجاد فرص العمل في القطاعين العام والخاص.
إن انخفاض أسعار النفط له تأثيره على دخل المملكة، إلا أننا سنسعى إلى الحد من تأثيره وستستمر عمليات استكشاف البترول والغاز والثروة الطبيعية.
سنعمل على تطوير أداء الخدمات الحكومية، ومن ذلك الارتقاء بالخدمات الصحية.
عازمون على وضع الحلول العلمية العاجلة التي تكفل توفير السكن الملائم للمواطن.
وجّهنا بتطوير التعليم من خلال التكامل بين التعليم بشقيه العام والعالي.
الخلاصة أن هذا التوجه الذي رسمه الملك سلمان يحمينا - بإذن الله - من الانكماش الشديد الذي تحدثت عنه بعض التحليلات وأصحاب التقارير الاقتصادية والتنموية.