عبدالله العجلان
لم يسبق أن مرت الكرة السعودية بمشكلات وأخطاء وتجاوزات وضعف إداري وتدهور فني مثلما هي عليه الآن، وتحديدا في السنوات الثلاث الأخيرة التي تولى فيها الاتحاد المنتخب إدارة شئون الكرة السعودية، الحقائق والأرقام والشواهد والمواقف والقضايا والأحداث وردود الأفعال الرسمية والشعبية باتجاه الأندية والمنتخبات وكذلك مايطرح ويثار ويتردد يوميا في وسائل الإعلام والتواصل المختلفة، هذه مجتمعة تثبت بما لا يدع مجالا للشك فشل مجلس إدارة الاتحاد، فما اسباب هذا الفشل؟ هل في الانتخاب نفسه وأنه غير مناسب لظروفنا وبيئتنا وثقافتنا؟ أم في آلياته وتوقيته وطريقة تنفيذه؟
في تقديري أن السبب في كل ما يجري هو ضعف الاتحاد وعجزه ليس في تطبيق أفكاره ومشاريعه وبرامجه الانتخابية وأبسط أدواره واجباته ومهام عمله فحسب وإنما في التصدي بحزم وبحسب اللوائح والأنظمة للمتلاعبين والمخالفين والمتطاولين، الأمر الذي ساهم في انتشار الفوضى والتمادي في العبث لدرجة أن الحديث عن الرشوة والتلاعب بالنتائج وبتقارير الحكام بات متداولا بكثرة وكأنه أمر طبيعي ومألوف لا يحرك سكون الاتحاد، ولا يدفعه إلى اتخاذ الإجراءات التي توقف هذه الفوضى المدمرة لشكل ومضمون وحاضر ومستقبل الكرة السعودية وسلامة وانضباطية وقوة مسابقاتها..
كان بإمكان الاتحاد المنتخب أن ينجح لو بدأ من حيث انتهت الانتخابات وينسى معركة ولعبة التصويت ومن كان معه أو ضده ويضع جميع الاندية في مقام واحد من حيث التعامل، ولم يفرز ويميز في قراراته وتسهيلاته واختيار لجانه ليكون مع وفي خدمة الأندية التي صوتت له، واتضح هذا جليا في التصريح الأخير الأمير فيصل بن تركي، وهو بالضبط ما حذر منه الموسم الماضي رئيس الشباب السابق الأستاذ خالد البلطان، بل زاد الأمر إلى أن بلغ حد تحذير وتهديد رئيس الاتحاد ورئيس لجنة الحكام وعموم الحكام السعوديين من قبل رئيس نادي النصر، ما جعل المعادلة الهيكلية والتنظيمية في منظومة الكرة السعودية مقلوبة على غير ما هو معمول به في كل دول العالم، فاصبح رئيس النادي هو من يملي شروطه ويفرض قناعاته على الاتحاد ورئيسه ولجانه وحكامه، وهنا الفشل بعينه والضعف بأسوأ واخطر أشكاله..
صحيح أننا أمام تجربة جديدة، لكنها لن تنجح حتى لو تكررت مع أسماء أخرى طالما ان من يدير الاتحاد سيتحول إلى أداة في يد من صوت له، وسيرى نفسه أنه أضعف سلطة وأقل قيمة ومكانة ومسؤولية من بعض رؤساء الأندية، وحتى من الإعلام المتشنج العاطفي المتعصب، ولنا فيما نشاهده اليوم الدليل الأكيد..
ديكور الأجنبي!
قرر اتحاد الكرة قبل حوالي تسع سنوات الاستعانة بالحكم الأجنبي بعد أن تطورت احتجاجات بعض الأندية إلى حد خطير وللابتعاد بالحكم السعودي عن دائرة الضغوط التي تمارسها بعض الأندية لأسباب مختلفة من بينها تبرير الإخفاق بالتحكيم، جاء الحكم الأجنبي ولم يتغير شيئا في قائمة الأبطال الهلال والاتحاد والشباب والأهلي ثم انضم الفتح واخيرا النصر، كما ان الحكم الاجنبي ارتكب في مباريات عديدة ومعروفة اخطاء أبشع وأكثر تأثيرا على النتيجة من مباريات أخرى قادها حكام سعوديون، شيء واحد فقط تغير هو أن الأجنبي لا يتعرض لقليل من الانتقادات والاتهامات التي دائما ما توجه للحكم السعودي حتى في الأخطاء التقديرية الاعتيادية..
الغريب أن اتحاد الكرة كان يهتم في السنوات الأولى باختيار حكام معروفين في الدوري الإسباني والفرنسي والإيطالي والألماني أو حكام دوليين شاركوا في بطولات أوربية وعالمية، أما في السنوات الاخيرة فمعظمهم من دوريات مغمورة كالدوري المجري على سبيل المثال، لذلك رأينا منهم أخطاء فادحة وبدائية، ومع هذا لم تجد أي نقد او هجوم من مسؤولي الأندية والإعلام الرياضي، والاغرب من ذلك أن البعض يرى ان الفوز بإدارة حكم اجنبي يعد منطقيا ومقنعا ولا غبار عليه حتى وإن كانت أخطاؤه مؤثرة، بينما يتم تفسير أخطاء وقرارات الحكم السعودي على أنها مقصودة والفوز بوجوده يكون ناقصا وربما ليس شرعيا ومدعاة لتشويهه والانتقاص منه..
بالمناسبة، ما حدث من الحكام الأجانب قبل ساعات من لقاء العروبة والنصر في الجوف وحضورهم لحفل الزواج ومشاركتهم الرقصات الشعبية يؤكد إهمال اتحاد الكرة بالحكام الأجانب وعدم اهتمامه بهم وبمراقبتهم وعزلهم عن هكذا تجمعات وعن كل ما يثير الشبهات، كم يطرح تساؤلات حول كيفية استقبالهم وأماكن استضافتهم وبرامج زياراتهم وتحركاتهم؟ وقبل ذلك طريقة ومعايير اختيارهم كي نضمن الاستفادة منهم وتحقيق مبدأ العدالة بتواجدهم وليس العكس ..!
من الآخر
· خطاب الفيفا الموقع من بلاتر قبل عدة أشهر والذي يؤيد فيه تدخل الامير عبدالله بن مساعد ومعالجته لأخطاء اتحاد الكرة ونشرت القناة الرياضية السعودية نسخة منه جاء ليكشف الواقع المرير للاتحاد ويؤكد صحة انتقاداتنا له..
· بعد خطاب بلاتر ووثائق إدانة اتحاد الكرة ما رأي الذين هاجموا الأمير عبدالله بن مساعد بسبب قراره تشكيل لجنة لمناقشة ملاحظات الجمعية العمومية، وما موقف من تفرغوا للتطبيل للاتحاد والتستر على أخطائه..
· ما انفردت به القناة الرياضية من حقائق ومعلومات خطيرة تمثل انصافا للأستاذ خالد المعمر الذي ظل يحذر منذ وقت مبكر من وجود تجاوزات ومخالفات قانونية الحقت الضرر بالكرة السعودية قبل أن تدين الاتحاد نفسه..
· من المؤسف أن تصل الكرة السعودية بعد عقود من الألقاب والمنجزات الإقليمية والقارية والعالمية إلى هذا المستوى من الانحدار في إدارتها والضعف في مخرجاتها والتشويه لسمعتها..