عبدالله العجلان
وضع الأمير عبدالله بن مساعد في حديثه للزميل بتال القوس في برنامج(في المرمى) الكثير من النقاط على حروف الرياضة السعودية المتناثرة، طرح افكارا مهمة وبين ان هنالك خطوات سريعة وجادة وبرامج ومشاريع مستقبلية تحتاجها رياضتنا ويتطلع اليها شبابنا وبالذات في هذا الوقت الصعب، وتحديدا في الشأن الكروي اندية ومنتخبات..
جميل جدا ان تعترف بحجم وحقيقة مشاكلك، وتفهم جيدا اسبابها وطرق وادوات حلها، وهذا بالضبط ما شعرت به في اجابات وتوجهات الامير عبدالله، اضافة الى ما يتمتع به من وضوح وشفافية ومصداقية وهو ما يمنحنا الثقة والاطمئنان والالمام بما يخطط له ويريده، ولأننا امام مسؤول مؤتمن وقادر باذن الله على ان يحقق لشباب ورياضة الوطن ما نحلم به فلن أتردد بتوجيه رسالة لسموه أزعم ان فيها بعض الملامح لهموم ووقائع ومعضلات اخرى لابد من اخذها بعين الاعتبار لارتباطها الوثيق وتأثيرها البالغ على رياضتنا بوجه عام..
سمو الأمير:
لأنك عشت وعايشت اجواء واحوال الاندية فأنت سيد العارفين بأدق تفاصيلها، وتدرك اكثر من غيرك ان الاندية بمختلف درجاتها وتصنيفاتها ومواقعها وحجم جماهيرها وشعبيتها هي الأساس والمنتج والمحرك للرياضة، وهي من تشكل بحشود المنتمين لها ثقافة واسلوب ممارستها والتعاطي معها، لذلك لن ينصلح حال رياضتنا الا حينما نبدأ أولا بتحسين بيئة الاندية وضبط ادارة شؤونها المالية والادارية والفنية، هيكلتها وطريقة الانفاق عليها،مواردها ومصروفاتها، انظمتها ولوائحها، اعضاء شرفها وجمعياتها العمومية..
ما يجري حاليا في الاندية السعودية بعيد كل البعد عن ابسط مفاهيم ومبادئ العمل المؤسسي، هي اجتهادات وفزعات من محبين، هبات مجاملات محسوبيات، تفرد ومزاجية في القرارات، ميزانيات خبط عشواء، انفاق فوضوي، جندلة مدربين، تعاقدات مرة تصيب ومرات تخيب، محترفون سهر وسفر وسمر، اهمال للالعاب المختلفة، غياب تام لاي نوع من انواع الرقابة والمحاسبة على العقود والمصروفات، باختصار شديد لا شيء في الاندية يجعلنا نتفاءل بأن يكون لها مخرجات مفيدة ومثرية للرياضة السعودية، ليبقى السؤال: ما الذي جعلها تعمل وتدار بهذا الشكل؟ وهل تستطيع أي جهة سواء الرئاسة او غيرها الزامها باتباع الانظمة ومن ثم محاسبتها ومعاقبتها على اخطائها؟.
لأن الصرف على جميع او لنقل معظم الاندية يأتي من الجيب الخاص للرئيس او من اعضاء الشرف المقربين والمؤيدين له فمن المستحيل ان يخضع للمساءلة كيف واين انفقها، كما لا يمكن محاسبة اعضاء مجلس الادارة على اخطائهم وحضورهم وانصرافهم وغيابهم طالما انهم يعملون متطوعين ومن باب الانتماء واحياناً احراجهم والضغط عليهم من قبل محبي النادي وهذا ما يحدث في كثير من الاندية الصغيرة وذات الامكانات المحدودة..
لأن الاندية مثلما ذكرت يا سمو الامير في المقدمة هي الاساس والقاعدة والمصنع وهي من تحتضن وتستقبل ويتفاعل معها وينتمي اليها ملايين الجماهير فإن اية تنظيمات او خطط او افكار ستقوم بها الرئاسة او الاتحادات بمعزل عنها ستكون غير مجدية، لذلك اتمنى يا سمو الامير ان تبدأ اولا وتضع جل اهتمامك بإعادة صياغة وتنظيم الاندية، وخصوصاً في الجانب المالي، بحيث تكون الدولة هي الممول الرئيس لها من خلال مخصصات سنوية كما القطاعات الحكومية الأخرى، ويتم صرفها من قبل الرئاسة وفق كشوفات وضوابط تحددها وتراقبها، وهي من تقوم بتحويلها الى حسابات المستفيدين لاعبين كانوا او مدربين او عاملين او غيرهم.
لأن اكثر مصروفات الاندية موجهة لكرة القدم فلو افترضنا ان الدولة ستقدم سنوياً لكل ناد يتواجد في الدوري الممتاز (50) مليون ريال، والدرجة الاولى (20) مليوناً، والدرجة الثانية (10) ملايين، والدرجة الثالثة (5) ملايين، فإن المبلغ الاجمالي السنوي سيكون بحدود (1850) مليون ريال، وهو رقم ضئيل جدا بالنسبة للميزانية السنوية للمملكة، والتي تتجاوز 800 مليار ريال، والأهم من ذلك ان له مردودا ايجابيا كبيرا على اكبر شريحة من سكان المملكة، وفي قطاع حيوي ومؤثر على ثقافة واستقرار وحاضر ومستقبل الوطن والمواطن، كما يخلص الاندية من وصاية وتحكم الرؤساء واعضاء الشرف، ويحفزها على انضباطية الاداء وبذل المزيد من العطاء والتميز والتطور والانتاجية ويغري العقول والكوادر على العمل بها، ويجبرها على التقيد بلوائح وتعليمات الرئاسة والاتحادات، ويسمح للجهات المعنية فرض رقابتها على الاندية ومحاسبتها على اخطائها وتجاوزاتها بما في ذلك ما يصدر من منسوبيها من تصريحات اعلامية مسيئة تثير التشنج والاحتقان في الوسط الرياضي.
لا شك ان هنالك صعوبات في اقرار هذا التوجه واعتماده من قبل وزارة المالية، لكن لانه يتماشى مع مرحلة التغيير والتطوير في اداء ومنهجية وهيكلة القطاعات الحكومية التي أقرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله مؤخرا، فكلنا امل بالله اولا ثم بجهود سموكم بتبني هذا المشروع الوطني وتقديمه لسمو رئيس مجلس الشئون الاقتصادية والتنمية الأمير محمد بن سلمان وأجزم انه سيجد الاهتمام والدعم من سموه لاهمية الرياضة والشباب في جوانب تنمية الوطن فكرا وجودة وعطاء..
أخيراً.. بدون الدعم الحكومي ستظل الاندية الرياضية متداعية بائسة غير منضبطة وغير مستقرة تعاني الفوضى وسوء التخطيط وعدم التنظيم ،اسيرة لاهواء وتقليعات وقناعات وتوجهات الداعمين لها، وبالتالي ستأتي مخرجاتها بنفس السوء وبمثل ما يقدم لها ويتم التعامل معها.