حمّاد السالمي
- أبدأ بما ختم به (خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز) حفظه الله خطابه التاريخي حيث قال: (مع شعوري بثقل الأمانة وعظم المسؤولية؛ فإنني أسأل الله تعالى أن يمدني بعونه وتوفيقه، لتأدية هذه الأمانة على الوجه الذي يرضيه، وأن يحفظ لوطننا أمنه واستقراره،
وأن يأخذ بأيدينا جميعاً، ويوفقنا لنصرة ديننا الذي هو عصمة أمرنا، ومصدر عزنا، وأن يحقق لنا ما نطمح إليه، إنه خير ناصر وخير معين).
- اللهم آمين.. ونعم بالله القوي الناصر المعين.. مُعان بإذن الله يا خادم الحرمين الشريفين.
- بهذا الخطاب الملكي التأسيسي لقائد مسيرتنا المظفرة؛ تتضح -من جديد- صورة السياسة الداخلية والخارجية للمملكة، بل إن الملك المفدى؛ يؤكد على ثبات المبادئ التي قامت عليها الدولة السعودية منذ عهد مؤسسها وموحدها (الملك عبد العزيز آل سعود) طيب الله ثراه، والتي تبناها وحرص عليها أبناؤه الملوك رحمهم الله من بعده.. قال الملك المفدى في هذا الخطاب التأسيسي: (لقد أسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وأبناء هذه البلاد دعائم هذه الدولة، وحققوا وحدتها على هدي من التمسك بالشرع الحنيف، واتباع سنة خير المرسلين صلى الله عليه وسلم، وخلال العقود التي تلت مرحلة التأسيس إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- ودولتكم ولله الحمد والمنة؛ تسير على خطى النمو والتطور بكل ثبات، مع التمسك بعقيدتها الصافية، والمحافظة على أصالة هذا المجتمع وثوابته. لقد منّ الله على هذه البلاد؛ بشرف خدمة الحرمين الشريفين، وحرصت المملكة منذ نشأتها على القيام بواجبها ومسؤوليتها، بما يخدم الإسلام، ويحقق تطلعات المسلمين في دوام الراحة والطمأنينة لهم في أداء مناسك الحج والعمرة بكل يسر وسهولة.
لقد وضعت نصب عيني مواصلة العمل على الأسس الثابتة التي قامت عليها هذه البلاد المباركة منذ توحيدها تمسّكاً بالشريعة الإسلامية الغراء، وحفاظاً على وحدة البلاد وتثبيت أمنها واستقرارها، وعملاً على مواصلة البناء وإكمال ما أسسه من سبقونا من ملوك هذه البلاد -رحمهم الله- وذلك بالسعي المتواصل نحو التنمية الشاملة المتكاملة والمتوازنة في مناطق المملكة كافة، والعدالة لجميع المواطنين، وإتاحة المجال لهم لتحقيق تطلعاتهم وأمانيهم المشروعة في إطار نظم الدولة وإجراءاتها).
- أصبح واضحاً لكافة مواطني ومواطنات المملكة؛ أن بلادهم تسير على أسس ثابتة من دينها وقيمها وأخلاقها، وأن كل مواطن فيها؛ هو محل اهتمام ورعاية دولته، مع توفير العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات دون تمييز، وأن كل فرد فيها؛ مثل ما له حقوق فعليه واجبات، فعلى المسؤولين مضاعفة الجهود والتيسير على المواطنين، وعلى الإعلاميين إيصال الحقائق وعدم إثارة ما يدعو للفرقة والتنافر، وأن الأمن مسؤولية شاملة لا يسمح العبث به، وأن مصادر الدخل سوف تتعدد وتنمو المدخرات وتوجد فرص العمل للكل، إلى جانب الارتقاء بالخدمات الصحية وأن تكون في متناول الكل، وأن التعليم مقبل على مواءمة لمخرجاته مع خطط التنمية وسق العمل.
- الخطاب الملكي التاريخي، ركز كذلك على التطلعات النهضوية للقيادة في كافة المجالات، فالتطوير والتحديث سمة لهذه الدولة منذ عهد مؤسسها وموحدها -رحمه الله-، وهذه التوجهات التطويرية لن تؤت أكلها إلا في ظل منظومة أمنية قوية متماسكة ومتكاملة، وهذا ما أشار إليه الخطاب من التصدي لأسباب الخلاف ودواعي الفرقة، والقضاء على كل ما يضر بالوحدة الوطنية أو تصنيف المجتمع، والرفض البات لأي محاولة للتدخل في الشؤون الداخلية أو التجاوز في السيادة الوطنية.
- من اللافت كذلك في الخطاب الملكي، الإشارة إلى الإصلاحات الإدارية التي تأتي في صلب العمل الممنهج للتطوير، فقد قال بمراجعة أنظمة الأجهزة الرقابية والارتقاء بأدائها للقضاء على الفساد، وهذا الأمر يشمل الجوانب الإدارية والمالية والقضائية وخلافها، وإذا حدّت الدولة ثم قضت على الفساد في هذه القطاعات، فإنها سوف تحقق ما تصبو إليه من تقدم ورقي بدون معوقات.
- ومثل ما عبّر الخطاب الملكي عن تمسك المملكة بشريعتها الإسلامية ووحدتها الوطنية وتثبيت أمنها، فإنه حدّد من جديد الدور الريادي الذي تتبوأه على أكثر من مستوى.. إسلامي وعربي وإقليمي ودولي.. ذلك أن المملكة كما كانت، خادمة للحرمين الشريفين، وراعية للحجاج والمعتمرين، وتحترم كافة المواثيق والتعهدات الدولية، وساعية إلى خدمة قضايا العرب وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ومحاربة للتطرف والأفكار الضالة والإرهاب.
- هذا إذن هو الخطاب الملكي التاريخي الذي يرسم خريطة طريق المستقبل لهذه البلاد بقيادة (خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز) رعاه الله، ويحدد مسؤولية مواطنيها الصغير والكبير منهم، فلم يتبق لنا إلا العمل والإنجاز والإنتاج، الذي يحقق تطلعات القيادة، ويلبي طموحات الشعب في العدل والمساواة، وفي توفير الخدمات الصحية والسكن وفرص العمل لكافة المواطنين، على كافة شرائحهم ومذاهبهم، وفي كل مناطقهم، دون تمييز أو تصنيف.