حمّاد السالمي
« لماذا لا نسأل أنفسنا بكل شفافية: من يقف وراء الإرهاب في العالم عموماً؛ وفي منطقتنا العربية على وجه خاص..؟!
« ولماذا المسلمون عموماً؛ والعرب خصوصاً؛ هم الأدوات المنفِّذة للمشروع الإرهابي؛ وهم ضحاياه..؟!
* ليس في وسع أحد أن ينكر؛ أنّ قراءاتنا المعاصرة لإرثنا التاريخي والفقهي على مدى أربعة عشر قرناً، كانت قاصرة وخاطئة، وهي مسؤولة بشكل أو بآخر عما يجري على أيدينا من قباحات وحماقات تضحك الثكلى، وتبكي العقلاء، فمن هم أولئك الأذكياء الذين لعبوا على حبال هذه التناقضات العجيبة، ليمسخونا هكذا، ويُمسخرونا، ويحيلونا إلى حطب لنار الإرهاب الذي يستهدفنا نحن قبل غيرنا..؟!
* عندما وقعت عملية ضرب برجي التجارة العالمية في نيويورك في 11 سبتمبر 2001م، كان منا من طبّل ورقص فرحاً بهذه العملية الإرهابية..! ومنا من أرجع تخطيطها وتنفيذها للموساد الإسرائيلي، وجهاز المخابرات الأميركية، فلم يزد دور المقبور (ابن لادن) وزمرته الإرهابية؛ عن كونهم أدوات في أيدي مخابرات دولية، لعبت بهم، فنفّذوا عملية قذرة لصالح من يسمّونهم الكفرة والمشركين وأعداء المسلمين..! ومع ذلك؛ ظل خطابنا الديني على عماه، إما مباركاً للإرهاب وممجداً لراعيه (ابن لادن)، أو ممالئاً ومايعاً ومتقمّصاً تقية التطرف الفكري الذي ساد المجتمعات طيلة عدة عقود، وفي كلتا الحالتين، فإنّ بطل العمليات الإرهابية لم يكن سوى نمر من ورق، ولم تكن إسرائيل ولا أميركا ولا بريطانيا ولا كفرة العالم ومشركوه، إلاّ أصدقاء وشركاء لهؤلاء المنادين بالجهاد المزيف ضد حكوماتهم وشعوبهم والعالم، حتى لو لم يظهر هذا في العلن.
* شكلت القاعدة التي أعلنها المقبور (ابن لادن) من أفغانستان، واجهة لبداية خيوط اللعبة التي انغمس فيها المتأسلمون من جهاديين وإخوان وخلافهم، وما جرى من ثورات في عدة بلدان عربية وسمِّيت (ربيع عربي) - ابتداءً من ثورة تونس فمصر وليبيا واليمن ثم سورية، وما أعقب ذلك من ظهور (دولة الخرافة الإسلامية) بين سورية والعراق - كل هذا.. كشف القناع عن مخططات كانت مبيتة للمنطقة العربية بشكل عام، ولهذا ظهر مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي يفتت دول المنطقة إلى دويلات، ولم يكن بروز جماعات متأسلمة في المشهد في هذا التوقيت؛ ووصول البعض منها للحكم في مصر وتونس، مصادفة، ولا رغبة شعبية، وإنما هو من ضمن المخطط الكبير الذي رعاه الكفار والمشركون الذين هم مادة يومية للنقد من محابر ومنابر القوم في كل بلد عربي، وهم في صلب الدعاء كل جمعة، بأن يمحقهم الله، ويرد كيدهم في نحورهم، ويمكّن هؤلاء المتأسلمين من نسائهم سبايا..! وحلقة في سلسلة هذه المؤامرة، التي تمنح كراسي الحكم لهذه الجماعات المتأسلمة، مقابل القبول بهذا المشروع.
*سقطت ورقة التوت، وظهرت عورات الكَذَبة من الذين نصّبوا أنفسهم أوصياء على المجتمعات، وكانوا - وما زالوا - يوهمون الناس أنهم يغارون على دين الإسلام، ويدافعون عنه، وهم في حقيقة الأمر مدلسون، لأنهم صنيعة أعداء الإسلام، وأرباب المعادين للمسلمين والعرب، وشركاء في المؤامرات التي تحاك ضد الدول القومية في المنطقة العربية المنكوبة بهؤلاء المدعين من بين شعوبها.
* أعلنت وزيرة خارجية أميركا السابقة (هيلاري كلنتون) في كتابها: (خيارات صعبة)؛ أنّ الإدارة الأميركية أنشأت (داعش) لتقسيم الشرق الأوسط، وأنّ النواة الأولى لداعش؛ زُرعت إبان تصديها لهذا المنصب. واعترفت بأنّ الإدارة الأميركية أنشأت ما يسمّى بـ(الدولة الإسلامية في العراق والشام)، وأنه تم الاتفاق على إعلان الدولة الإسلامية يوم 5-7-2013م، وقالت: (زرت 112 دولة في العالم، وتم الاتفاق مع بعض الأصدقاء بالاعتراف بـ(الدولة الإسلامية) لدى إعلانها فوراً، وفجأة.. تحطّم كل شيء) وأردفت: (كل شيء كسر أمام أعيننا بدون سابق إنذار، شيء مهول حدث في مصر! وبعدها فشل مشروعنا في مصر عقب سقوط الإخوان المسلمين)..!
* داعش أصبحت واقعاً مؤلماً، وهي مع إرهابها وفكرها التكفيري؛ إلاّ أنّ نفوذها وتغلغلها يزداد بشكل يثير الدهشة، فلو لم يكن هناك دعم دولي كبير، لما أصبحت بهذا المستوى من القدرة والنفوذ. أميركا تقود العالم اليوم لحرب داعش، فهل هي تسخر بالعالم كله..! أم أنها تريد تأديب ابنها العاق الإرهابي (أبو بكر البغدادي)، متزعم التنظيم، الذي كان معتقلاً لدى القوات الأميركية المحتلة للعراق في سنة 2004م في سجن (بوكا)، وأطلق سراحه في سنة 2009م في ظل حكومة باراك أوباما، مزوّداً بمليار دولار..! ويقال إنّ البغدادي قد تلقى تعليمات وتدريبات مركزة عندما كان معتقلاً في هذا السجن الذي كان معسكراً في الحقيقة، ومنذ ذلك الوقت أصبح عضواً في السي آي أي..!
* إريك تراجر؛ زميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى يرى؛ أنه رغم رفض كلينتون لفكرة الثورة، إلا أنها تعاونت بعد ذلك مع الرئيس (محمد مرسي)، ومع تنظيم الإخوان المتأسلمين، الذي تبنّى الاستبداد المتزايد كمنهج له خلال سنة في الحكم، وهو ينقل رؤية كلينتون، حيث كانت ترى أنّ أميركا قادرة على التعامل مع أي نظام أو رئيس للحفاظ على مصالحها.
* كتاب وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون يزيح الستار عن الكثير من خفايا داعش، لأنها اعترفت وبصراحة أنّ المخابرات الأميركية هي التي أسست هذه الحركة لأهداف سياسية واستراتيجية، وهناك خبراء يؤكدون على أنّ المخابرات الصهيونية لها يد في تأسيس هذه الحركة. إنّ هدف المخابرات الأميركية من تأسيس تنظيم (داعش) الإرهابي هو حماية أمن الكيان الإسرائيلي، وزعزعة الأمن وراء حدودها وذلك من خلال تغذية الفكر التكفيري، وهذا الأمر طبعاً تم التخطيط له بالتعاون مع الموساد الإسرائيلي.
* ليس مهماً من يتآمر ضدنا، ومن يعادينا، المهم هو من يساعد على التآمر، ومن يضع نفسه في خدمة الأعداء، وهذا ما تفعله الجماعات التكفيرية والجهادية والمتأسلمة في بلداننا العربية، فهي لا همّ لها إلا إزاحة الحكام والجلوس على كراسي الحكم، حتى لو ماتت الشعوب وسُحقت، وتفتتت البلدان وتجزأت.
*هذا ما يظهر في الأفق، وما يغيظنا أكثر؛ ليس داعش ولا من دخل في مشروعها الإرهابي، لأنها زائلة لا محالة، وإنما الدواعش الذين يعيشون بيننا، فهم إما أنهم عمي صم بكم لا يفقهون، أو هم جزء من المشروع عن بُعد.
* كل من يصدق أو يُبرر أو يدعم أو يروّج لداعش وإرهابها؛ فهو داعشي حتى النخاع، وهو مع الذي يقفون وراء الإرهاب، في أحيائهم، وفي مدنهم، وفي دولهم، وفي المنطقة كلها.