د. عبدالواحد الحميد
تشهد مدينة الرياض هذا اليوم، الأربعاء، انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي الخامس للكتاب تحت عنوان «الكتاب تعايش»، وهو عنوان موفق يتماهى مع ضرورات الزمن الحالي الذي انفتحت فيه جميع المجتمعات والثقافات والحضارات في العالم على بعضها بعضاً، وصار من المهم أن يتعايش الجميع تحت قيم التسامح والاحترام المتبادل.
وقد نجح معرض الرياض للكتاب في دوراته السابقة في إتاحة الفرصة لمحبي القراءة واقتناء الكتب للاطلاع على ما تقدمه دور النشر المحلية والعربية والعالمية من الكتب الرائعة التي لا تتوفر في أوقات أخرى في مكان واحد وزمن واحد، كما أتاح المعرض في دوراته السابقة للمثقفين والمهتمين فرصة حضور ندوات ثقافية متنوعة والتعرف على المفكرين والكُتَّاب والأدباء والعلماء من مختلف التخصصات والمشارب في لقاءات شخصية على هامش فعاليات المعرض.
لا يمكن أن نصف أي عمل بأنه كامل ومثالي، فمهما اجتهد البشر وحاولوا الإبداع يظل العمل جُهداً بشرياً قابلاً للنقد. ومثل مئات الألوف من الناس، سعدت بحضور الدورات السابقة لمعرض الكتاب وشراء مئات الكتب التي طالما تمنيت اقتناءها، لكنني أستطيع أيضاً أن أتحدث عن العديد من الجوانب التي أرى - من وجهة نظري - أنها تمثل وجوه قصور واكبت فعاليات المعرض في دوراته السابقة دون أن يقلل ذلك من أهمية ونجاح المعرض الذي أصبح مناسبة ثقافية كبرى ليس على مستوى مدينة الرياض أو المملكة العربية السعودية فقط وإنما على مستوى العالم العربي بشكل عام.
بعض جوانب القصور ليست، بالضرورة، بسبب إدارة المعرض أو الجهة المشرفة عليه، وإنما هي وليدة بعض الظروف التي ليس لإدارة المعرض وحدها قدرة على تلافيها. ومن أبرز تلك الجوانب ما نراه من تدخلات واجتهادات مزعجة من خارج الجهات المنظمة للمعرض. ولعل أبرزها ما يقوم به من يسمون أنفسهم بـ «المحتسبين» الذين يضايقون الناس ويتدخلون في اختياراتهم بطريقة غير حضارية وبعيدة كل البعد عن اللياقة والقيم الثقافية.
بعض الذين يحضرون إلى المعرض لا يأتون بنية شراء الكتب أو حضور الندوات والفعاليات وإنما بنية التطفل على رواد المعرض وعلى دور النشر والمتحدثين في الندوات، وهم يفعلون ذلك وفق اجتهادات شخصية تفتقر إلى الخلفية الثقافية الكافية وإلى المشروعية النظامية. هؤلاء أعطوا الحق لأنفسهم بأن يمارسوا سلطة الجهات الرسمية المسؤولة عن المعرض والمشرفة عليه وأن ينتزعوها لأنفسهم!!
إنني أعلم أن الحد من تدخلات هؤلاء الناس قد يتجاوز إمكانيات الجهة المنظمة، وهي وزارة الثقافة والإعلام، لكنني أتمنى أن تتضافر جهود الجهات الرسمية التي تملك السلطة الكافية للحد من تجاوزاتهم، فما يحدث يسيء إلى سمعة معرض الرياض الدولي للكتاب ويتناقض مع شعار المعرض لهذا العام وهو «الكتاب تعايش» ويدفعنا ويدفع غيرنا إلى التساؤل: هل الكتاب عندنا تعايش حقاً أم أن العنوان الذي اخترناه للمعرض هو مجرد شعار!؟