سبع وسبعون سنة أمضيت أكثرها في العلم والأدب: دراسة في المدرسة، وقراءة على المشايخ، ومطالعة في الكتب، ومساجلة مع الإخوان. لو أحصيت معدل الساعات التي كنت أطالع فيها لزادت على عشر في اليوم، فلو جعلت لكل ساعة عشرين صفحة أقرأ من الكتب الدسمة نصفها، ومن الكتب السهلة نصفها، لكان لي في كل يوم مائتا صفحة، أتنازل عن نصفها احتياطاً وهرباً من المبالغة فهذه مائة صفحة في اليوم. فاحسبوا كم صفحة قرأت من يوم تعلمت النظر في الكتب، وامتدت يدي إليها سبعون سنة، كل سنة اثنا عشر شهراً، في كل شهر ثلاثون يوماً، في كل يوم مائة صفحة، فإن هالكم الرقم فاحسموا منه نصفه، فكم يبقى ؟ كنت ولا أزال أقرأ في كل علم: في التفسير، وفي الحديث، وفي الفقه، وفي التاريخ، وفي الأدب: الأدب العربي والأدب الفرنسي، وفي العلوم على تنوعها وتعددها
- «الطنطاوي»