الخطاب الذي ألقاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله يوم الأول من أمس والذي تناول فيه قضايا مهمة للغاية وشملت مختلف نواحي الحياة السياسية والعسكرية والأمنية والشباب وتوفير السكن المناسب للمواطنين وبناء التنمية الاجتماعية والاقتصادية شكّل منعطفا تاريخيا نحو البناء والتعمير والرغبة الصادقة نحو تطوير مختلف مرافق الحياة في المملكة العربية السعودية والنهوض بأبنائها على أسس سليمة ومعالجة كل الاختلالات البنيوية في اجهزة الدولة لتحفيزها على العمل الجاد والمخلص والرائد. وهذا الخطاب الوطني والقومي الجامع للملك سلمان اسس لرؤية حكيمة في تبني المنهج العلمي والعملي والمنطقي والسليم والاخلاص والتفاني في العمل لبناء المملكة العربية السعودية على اسس راسخة ورائدة وتلمس حاجات المواطنين في كافة مدن المملكة وتجسيد سياسة الاصلاح في مرافق الدولة بما تحمله كلماته من معان ايجابية واهداف منشودة نحو التقدم والرقي والازدهار ايمانا منه بعظم المسؤولية التي تقع على كاهل الجميع في المرحلة الراهنة.
ولم ينس حفظه الله القضية الفلسطينية في خطابه الجامع والمانع فأكد دعمه للشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وهو ديدن المملكة العربية السعودية ودورها الرائد بالدفاع عن الفلسطينيين والمقدسات الاسلامية, حيث كانت مواقفه هذه منذ أن كان رعاه الله اميرا لمنطقة الرياض حيث اسهم في لعب دور كبير وجهود مثمرة في السعي لاحلال السلام العادل والشامل في المنطقة
فهذا الخطاب الوطني لخادم الحرمين الشريفين يستهدف تعزيز مسيرة التنمية وتطوير الاقتصاد الوطني وتكريس مكانة المملكة العربية السعودية على المستويين الاقليمي والدولي في كافة المجالات خاصة الاقتصادية منها. فالخطاب الجامع للملك سلمان يؤكد على المكانة الكبيرة التي يحتلها حفظه الله في نفوس العالم لدوره الريادي والبناء فضلا عن تأكيداته المستمرة على بناء المملكة على اسس تترسخ من خلالها العدالة والحرية والمساواة وتكافؤ الفرص.. وهذا يدل على حرصه على استمرار التواصل مع ابنائه في السعودية ودول الاغتراب ورعايته لابنائه المبتعثين في اصقاع العالم واهتمامه في دفع المسيرة التنموية والاقتصادية الى الامام والتأكيد على حضور السعودية القوي والفاعل في المجتمع الدولي وسياستها الخارجية الناجحة ودعمها للتضامن العربي ومكافحة الارهاب بأشكاله المختلفة وحفظها على توفير الامن والسلام لكل شعوب المنطقة عبر سياستها الحكيمة التي تجمع كل المسلمين بشتى انحاء المعمورة فضلا عن خدمة السعودية النموذج والقضايا العربية والاسلامية التي وضعها في مقدمة اولوياته وشدد في الخطاب على دور القوات المسلحة السعودية عندما قال حفظه الله - القوات المسلحة السعودية محل القلب من الجسد وانتم حماة الوطن ودرعه وكل فرد منكم قريب مني ومحل رعايتي واهتمامي - .
وانطلاقا من دعمه للمواطن السعودي قال رعاه الله «إن دولتكم تسير على خطى النمو والتطور وابناء الوطن متساوون في الحقوق والواجبات» وهذا يؤكد المنهج القويم الذي ينتهجه حفظه الله نحو ابنائه المواطنين ومنحهم الدور المطلوب خاصة كما قال في اكثر من مناسبة: «إن الشباب هم عدتنا للمستقبل، فلا بد من الحرص على إطلاق طاقاتهم وتوجيهها للخدمة الوطنية وتنظيمها في أطر جماعية تشمل أرجاء الوطن واستغلال أوقات فراغهم فيما يفيدهم ويعود على الوطن بالنفع العميم».
ولعل ما قاله خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله في خطابه «لقد وضعت نصب عيني مواصلة العمل على الاسس الثابتة التي قامت عليها هذه البلاد منذ توحيدها تمسكا بالشريعة الاسلامية» يمثل نبراسا لمواقف السعودية في رفع راية الاسلام والمسلمين وجمع شملهم بل إنه يعني ايضا مطالبة الامة الاسلامية بالاخذ باسباب القوة والانفتاح على الانسانية والدعوة الجادة الى ابراز حقيقة الاسلام المعتدل والذي يتسم بالوسطية والرحمة والرأفة بالناس جميعا وتكريم الاسلام للانسان. وكلمات خادم الحرمين الشريفين تشدد على مجموعة من المرتكزات السديدة والتي يظهر من خلالها مدى عظمة هذا الدين البعيد عن التطرف والغلو والارهاب والتعصب وتجسد مبلغ سماحته وسلاسة تعاليمه بما لا يدع مجالا للشك بأنه دين الرحمة والعدل والوسطية والسلام والانسانية مما يستدعي من المسلمين كافة العزة به والاعتزاز بصفائه وجماله والتمسك بأحكامه وآدابه. وهذه الكلمات تدعو الى ضرورة تكاتف المسلمين وجمع كلمتهم للاصلاح والهداية, حيث إن التفرق والتنازع واستحلال دماء المسلمين من جماعات البغي والارهاب تعتبر من اكبر الكبائر ولا تمثل الاسلام بأية صلة. فهذه الرؤى لخادم الحرمين الشريفين تتطلب منا جميعا أن نقف امام مسؤولياتنا ببناء الجسور والتواصل مع العالم واتقان لغة الحوار وفتح القنوات المختلفة كما دعت المملكة العربية السعودية في اكثر من مناسبة لذلك لأن عالمنا اليوم بحاجة الينا اكثر من اي وقت مضى لننعم جميعا بالامن والطمأنينة وراحة البال والسعادة بدلا من ازهاق الارواح والعداوة وتوريث الاحقاد. ويمكن القول إن خطاب خادم الحرمين الشريفين يمثل رؤية وطنية وقومية واسلامية للقضايا المحلية والعربية والدولية والادراك العميق لحاجات المجتمع ويوفر نظرة شاملة للاصلاحات الجادة لكل القضايا المحلية والتداخلات الاقليمية ومجريات الساحة العالمية بغية النهوض بالمملكة وشعبها السعودي الكريم بكل معارج التقدم والبناء والتنمية والرفعة والازدهار
إنه خطاب مهم في هذه المرحلة نستلهم فيه ومعه رؤى الملك سلمان المستمرة على طريق بناء الدولة الانموذج والمثل في ترسيخ قيم الحق والعدالة والحرية والكرامة والشورى وتوفير متطلبات التقدم والازدهار والدفاع الصادق والجريء عن عقيدة الإسلام والمسلمين وحقوق الأمة وفي طليعتها قضية فلسطين وحقوق هذا الشعب الذي يتطلع لحريته واستقلاله باعتبارها القضية المركزية للعرب والمسلمين كافة وبخاصة السعودية التي تدافع عن الإسلام والمسلمين والمقدسات بكل قوة واقتدار.
رئيس تحرير جريدة سلوان الاخبارية الأردنية
- بقلم/ عبدالله محمد القاق
abdqaq@orange.jo