الشارقة - محمد المنيف:
احتفاء بإنجاز جديد يضاف إلى نجاحات بينالي الشارقة للفنون ويؤكد نجاح خطواته الإحدى عشرة الماضية التي أصبح بها علامة بارزة في جبين الشارقة العاصمة الدائمة للثقافة والمثابرة على تميزها عربيا وعالميا، قام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، صباح الخميس ما قبل الماضي، وبحضور سمو الشيخ عبدالله بن سالم بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة، بتدشين فعاليات الدورة الثانية عشرة لبينالي الشارقة التي حملت عنوان «الماضي.. الحاضر.. الممكن»، وذلك في المباني الفنية لمؤسسة الشارقة للفنون في منطقة المريجة بالشارقة.وقد أشاد سموه بعد جولته في البينالي، على الأعمال المعروضة، مثمناً جهود فريق عمل البينالي.
لقد كان للجولة التي قام بها سمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي والحضور من الشيوخ والمسؤولين ترافقه الشيخة حور القاسمي مدير البينالي ورئيسة مؤسسة الشارقة للفنون الأثر الكبير في نفوس الفنانين المشاركين والقائمين على هذا الحدث الفني العالمي الشهرة والعربي والخليجي المكان والفكرة، حيث اعتبر الجميع أن ما منحه سموه لهذا المشروع الفني وبهذا الوقت من مشاغله يأتي تقديرا لإبداعات المشاركين وللمنظمين، حيث استمع إلى شرح من القيّمة إنجي جو حول العروض المقدمة لهذه الدورة التي تتنوع بين عروض للأداء والأفلام وورش العمل ومختلف روافد الفنون اليصرية التثليدية منها أو الحديثة.
تكريم يليق بالمناسبة
تبع ذلك تتويج سمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي للمشاركين والمنظمين والداعمين في حفل خاص أقيم في منطقة الفنون بالمريجة، حيث سلم الفائزين في البينالي12 جوائزهم وهم كل من الفنانين إيريك بودلير واسونسيون جودردو وباسل عباس وروان أبو رحمة.
كما قامت الشيخة حور بنت الشيخ سلطان القاسمي بتكريم المؤسسات والدوائر والشركات التي رعت الحدث، وأسهمت في دعمه.
وكانت الشيخة حور بنت سلطان بن محمد القاسمي، رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون قد ألقت بهذه المناسبة كلمة جاء فيها: «إذا أردنا مقاربة مشروع الشارقة الثقافي انطلاقاً من حالته الراهنة، أو من خلال مفهوم (الحاضر) الذي تحقق بوصفه حالة مستمرة من التطوير والإضافة، لوَجَدنا أنه يمثل اللحظة الفارقة التي تجمع في نسيجها بين إبداعات الماضي ولمحات المستقبل. وأنّ تلك اللحظة تُشبِهُ إلى حد كبير اللحظة الإبداعية الخالصة، فهي تعبير عن مخزون تاريخي قد يمتدُّ إلى عهود سحيقة، ويُضيء في الوقت نفسه مساحات ملهمة ومنفتحة على فَضاءات الاحتمال والممكن». مضيفة: «ولعلَّ هذا بعض ما يطرحه بينالي الشارقة في دورته الحالية، عبر المفهوم الذي قدمته القيمة أنجي جو، إذ عملت من خلاله على اختيار مجموعة من الفنانين الذين حاولوا تقصي أبعاد (الماضي، الحاضر، الممكن) برؤى جمالية ومعرفية مختلفة». موجهة الشكر إلى حضرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي حاكم الشارقة الذي جعل مشروع الشارقة ممكناً، وأهدت نجاح هذه الدورة لسموه أولاً، ولكل من شارك فيه، مختتمة كلمتها قائلة (آملين أن نكون قد خطونا خطوةً أخرى نحو صياغةِ هويتنا الثقافية ومشروعنا الحضاري الذي حمل أحلام وتأملات ونتاج فنانين جاءوا إلينا من أنحاء العالم كافة.
بينالي الشارقة 12 وتنافس المبدعين
تنافس في فعاليات بينالي الشارقة 12 ما يفوق الـ50 فناناً من 25 دولة من خلال مشروعاتهم وأعمالهم الفنية التي قدموها تحت أعين مراقبين ونقاد ومحكمين متخصصين في الثقافة والفنون تحت إشراف من الشيخة حور القاسمي مديرة البينالي ومتابعة من القيمة الأمريكية انجي جو، الذي توزعت أعمال البينالي في المباني الفنية لمؤسسة الشارقة للفنون وتنوعت برامجه بعروض الأداء والأفلام،، والأعمال التركيبية، واللوحات، والندوات المتخصصة التي تتماشى مع أبعاد الشعار، لتشكل احتمالات مستمرة لأشكال الفنون المعاصرة.
الجدير بالذكر أن دورة البينالي 12 لهذا العام ستستمر على مدى ثلاثة أشهر من 5 مارس 2015 وحتى 5 يونيو 2015، كما صرحت الشيخة حور القاسمي: إن تمديد فترة لبينالي الشارقة 12 على خلاف الدورات السابقة، يأتي استجابة لاهتمام الجمهور المتزايد في البينالي كمنصة فنية تقدم مختلف أنواع الفنون المعاصرة التي تتحاور مع ما يجول في فكر المشاهد وهمومه، ولما يوفره من مساحات للمرح والتأمل والتعلم، حيث تضم هذه الدورة برامج تعليمية متخصصة للأعمال كافة، وندوات وعروض أفلام وبرامج جولات تعريفية للمدارس والمجموعات».
مواقع العرض شملت البحر والبر
توزعت أعمال البينالي في الكثير من المواقع داخل الشارقة العاصمة وخارجها، فبدأ من منطقة المريجة في الشارقة، التي تضمنت برنامجاً حافلاً من عروض الأداء والأفلام واللوحات نجد أعمال أخرى في ميناء خالد الذي يضم عملين لكل من الفنان مايكل جو والفنانة أسونسيون مولينوس غوردو. كما يضم مبنى الطبق الطائر الذي أقيم فترة السبعينيات يضم أعمال الفنان حسن خان.
كما يعرض في سوق الشناصية أعمالاً تركيبية لكل من محمد كاظم وميكسرايس، أما العمل التركيبي المحدد الموقع للفنان أبراهام كروزفييغاس يمكن رؤيته في سوق الطيور والمواشي.
وفي كلباء تحتل أعمال الفنان أدريان فيلار روخاس كامل مبنى مصنع الثلج القديم.
وتمتد مجموعة أعمال كبيرة لفناني البينالي عبر المباني الفنية للمؤسسة ومنطقة التراث، منهم عبدالله السعدي، وإيمان عيسى، وسينثيا مارسيل، وتارو شينودا، وريّان تابت، وهيجيو يانغ.
كما تضم المنطقة عملاً بعنوان «عبر خط الطبشور» للفنان غاري سيمونز الذي أقام من خلاله ملعباً للكريكيت للأطفال.
كما تقام بعض عروض الأداء في معهد الشارقة للفنون المسرحية، وبعضها ينتقل عبر ساحة الفنون والتراث وواجهة المجاز المائية.
كما يضم متحف الشارقة للفنون وبيتي السركال والشامسي مجموعة أعمال تتراوح بين الفيديو والأعمال التركيبية واللوحات، لفنانين معاصرين ومؤسسين.
الأعمال المنجزة خصيصا للبينالي
تم إنتاج ما يقارب ثلثي الأعمال خصيصاً للبينالي 12 ضمن برنامج التكليفات، منها التركيبي والأدائي. وفي هذا الإطار قالت أُنجي جو: «يركز بينالي الشارقة في دورته الحالية على التكليفات والمشروعات التي أنتجت خصيصاً للبينالي، ومنها مشروعات مصممة خصيصاً لمواقع محددة من الشارقة، كما يضم الكثير من الأعمال الجديدة، وبذات الوقت لا يستغني عن وجود دور فنانين تركوا تاريخاً لا يمكن إلا الرجوع إليه دوماً».
حيث نجد عمل «ماء الورد الدمشقي» الذي يقدم فيه الفنان ريركريت تيرافانيجا، في بيوت الخطاطين حديقة للورد الدمشقية، تحمل ذات العبق، وما على جدرانها من أبيات مخطوطة عن البنفسج الدمشقي. وفي ساحة الحديقة تقدم وصفات شرقية تصنع من ماء الورد الدمشقي.
كما قام الفنان بصنع آلة لتقطير ماء الورد مستلهماً ذلك من نموذج يعود إلى القرن الرابع عشر لآلة تقطير ماء الورد التي صنعها العالم «المزي».
ويقدم الفنان تارو شيندوا في عمله «كارسانسوي» منصة خشبية مظللة، تحدد النقطة المثالية للنظر إلى فراغات متمددة ببطء في حديقة قائمة على مبدأ الحدائق اليابانية الجافة، وتوفر مساحة هادئة للتأمل.
فعاليات داعمة للبينالي
تضمن البينالي سلسلة من البرامج الداعمة منها محاضرات شهرية وورش عمل يشرف عليها ويقودها عدد من الفنانين المشاركين يتحدثوا فيها عن ممارساتهم الفنية ويناقشوا قضايا الفنون المعاصرة والإسهامات الثقافية التي تثري وتغني الحراك الفني وتعمّق مفاهيمه المتجددة، وذلك في إطار المفهوم الذي يتبناه البينالي من البرامج التعليمية وعروض الأفلام واللقاءات والندوات.
وفي هذا الإطار، قالت أُنجي جو القيّمة على بينالي الشارقة 12: «مساحات الفنون المعاصرة تعطي الفنان والمتلقي مجالاً واسعاً للتحاور مع مختلف المفاهيم الثقافية والاجتماعية والسياسية، بحيث يكون المستحيل لدى الفنان ممكناً، وفرصة يكون فيها العقل حراً». وحيث يعد بينالي الشارقة من أهم التظاهرات الثقافية في العام العربي، ومنذ انطلاقته عام 1993، استطاع البينالي أن يشكل جسراً ثقافياً بين الفنانين والمؤسسات الفنية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي في الدورة السابقة عام 2013 التي تزامنت مع مرور عقدين من الزمن على انطلاقة البينالي، بلغ عدد الزوار نحو 90.000 زائر من مختلف الشرائح الاجتماعية ومن الثقافات والجنسيات كافة من فنانين وجمهور ومقتنين وممارسي فن.
تجدر الإشارة إلى أن بينالي الشارقة 12 قد تشكل في بدايات العام 2013 عبر محادثة خاصة أجرتها القيَمة أنجي جو مع الفنان دان فو، حيث تناقشا معاً حول أهمية الفن المعاصر، وتداولا إمكانات دور العاملين والمسؤولين في قطاعات الفنون على إحداث التأثير في الواقع الفني من خلال التكليفات التي تتجاوز التحديات الاجتماعية والسياسية الحالية، وأقرا بالحاجة لفنانين يكون لهم دور نافذ وفعَال في القدرة على تخيّل الممكن.