فهد عبدالله العجلان
دائماً ما ينصح الحكماء المعالجون لأي مرض أو قضية، أن لا يتسبب العلاج المقدم أو المطروح بآثار عكسية تعمق آثار المرض أو تَخَلَّف أمراضا أخرى لم تكن في جسد المريض أو طبيعة المشكلة من قبل، أستذكر هذه المقدمة قبل أن أدلف إلى صلب مقال اليوم الذي أظن أنه يمثل الملف رقم واحد لصانع القرار السياسي والاقتصادي في بلادنا ألا وهو ملف البطالة!
أعتقد أن حساسية الملف وسخونته تحرق كل من يتناوله حتى لو طرح حقيقة منطقية كوجود البطالة في كل عصر بما فيها عصر النبوة!، ولذا فإن تعاطي هذا الملف يتطلب وعيا كبيرا بطبيعته وتعقيداته الاجتماعية والاقتصادية، كما هو حال معالجاته وبرامجه، قبل أيام نشرت وسائل الإعلام تصريحا للأستاذ إبراهيم المعيقل مدير صندوق الموارد البشرية وهو أحد الأذرعة الحكومية لمعالجة البطالة في المجتمع قال فيه بعد أن أودع الصندوق مكآفات مالية تجاوزت مليار ريال لـ 20 ألف منشأة في القطاع الخاص حققت نموا في أجور موظفيها السعوديين: أن التوطين يمثل استثمارا وليس مجرد تكلفة.. مؤكدا أن التوطين لم يعد مكلفا كما كان في السابق بل إنه الآن فرصة استثمارية للقطاع الخاص!
أتفهم وجود كثير من البرامج التي تحفز القطاع الخاص على توظيف السعوديين فالملف لا يمكن النظر إليه من زاوية اقتصادية بحته فالبطالة تتصل بأبعاد أمنية واجتماعية خطيرة تتطلب نوعا من الحلول العاجلة التي قد لا تعالج المشكلة من الجذور لكنها تخفف من وطأة الملف وتبعاته في مرحلة ما، لكن أمنيتي كباحث اقتصادي أن تتجاوز الرؤية لمعالجة هذا الملف الخطير هذه الزاوية الضيقة إلى تقديم إستراتيجية واقعية لتطوير الموارد البشرية في بلادنا خلال عشرين سنة قادمة لتكون منافسا حقيقا وتنافسيا في سوق العمل، استراتيجية تستشرف طبيعة تطور القطاعات الاقتصادية في المملكة وتنافسيتها وإعداد موارد بشرية وطنية تلبي شروط وتحديات هذا التوسع، وأتمنى من كل قلبي أن لا يوجد في ذلك الزمن بعد عقدين أو ثلاثة أذرعة حكومية تدعم توظيف الشباب والفتيات السعوديات لأن كفاءتهم وتأهيلهم حينها ستكون الفيصل والمرجع، وأنا على يقين حينها أن مسؤولا كالأستاذ الكريم إبراهيم المعيقل لن يكون بحاجة أن يخرج مبتسما على الفضائيات ليحرض القطاع الخاص على الاستفادة من فرص ومكافآت لتوظيف السعوديين والسعوديات!