فهد عبدالله العجلان
إن يبدأ الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- عهده بإنفاق 110 مليارات ريال تتجه مباشرة إلى المواطنين بكافة شرائحهم في ظل ظروف اقتصادية يتراجع فيها سعر النفط إلى ما دون الـ 50 دولاراً، ففي ذلك دلالة هامة ورسائل عميقة قد لا تدخل في حسابات الاقتصاديين التقليدية، فمن يعرف محركات الاقتصاد الحقيقية يدرك أن الثقة والأمل تمثل أولوية الحكومات التي تجعل المواطن لُب الاقتصاد والتنمية، ورسالة المليك العادل تجاه سيل الرسائل التي تبث التشاؤم في المستقبل الاقتصادي للمنطقة والمملكة على وجه الخصوص أن ثقة الحكومة السعودية في اقتصادها وأولوية إنسانها في التنمية والرفاه لن تخضع لحسابات وقتية أو زمنية ترتبط بتغيرات الظروف...
المقاربة الاقتصادية في نظر المليك سلمان هي إعادة بناء محركات الاقتصاد من خلال الرؤية الشاملة للتنمية والتخطيط المؤسساتي لمواجهة عصر التسارع وتحدياته الذي يشهده العالم اليوم، فمجلس الاقتصاد والتنمية الذي يعد ذراعاً اقتصادياً تنموياً لمجلس الوزراء اليوم سيكون بديلاً لعدد من المجالس التي اقتسمت الكثير من الملفات التنموية والاقتصادية فقدمت معالجات مجتزأة لقضايا شمولية متداخلة كل منها يؤثر في الآخر.
المهم في تباشير هذا المجلس الذي يرأسه الأمير الشاب محمد بن سلمان أن كثيراً من أهدافنا الاقتصادية الاستراتيجية كتنويع مصادر الدخل ورفع الإنتاجية وخلق الوظائف وزيادة المستوى المعيشي للأفراد لن تكون بعد اليوم مجرد لافتات أو دراسات تخضع لمعالجة أو رؤية وزارة بقدر ما ستكون رؤية حكومية متكاملة تتعاهد مسؤولية تطبيقها فرق ومؤسسات للتقييم والتقويم.
أخيراً فإن إدراج عبارة التنمية في المجلس الفرعي الجديد المسمى مجلس الاقتصاد والتنمية يمثل رؤية إستراتيجية لمفهوم التنمية الشامل الذي يستهدف بناء الموارد الاقتصادية وأهمها المورد البشري وكل ما يحيط به من وعي وثقافة ومعرفة هي الأساس لاقتصاد معرفي قابل للحياة وقادر على خوض غمار التنافسية العالمية، وسأكون متفائلاً بأن توحيد هذه الرؤية وبهذا المستوى من الشمولية في الوعي بالاقتصاد والتنمية سيكون البداية الحقيقية لتجاوز الشعارات واللافتات التي صدحنا بها طويلاً ليبدأ العمل والإنجاز... والله الموفق.