جاسر عبد العزيز الجاسر
كثيرٌ من الاتفاقيات والمواثيق وُضعت واتفقت عليها جميع الدول لتنظيم العلاقات فيما بينها، وحملت تلك الاتفاقيات العديد من البنود والفقرات التي توضح كيف تتعامل الدول في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، بل شملت جميع النواحي التي حرص واضعوها على توضيح أدق التفاصيل في العلاقات الدولية، والتي تؤكد وتجسد جميعها على ابتعاد الدول عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والحرص على سيادة الدول، وأن يكون القرار السياسي والإستراتيجي للدولة بما يشمله من نواح اقتصادية وأمنية وعسكرية نابعاً من داخل تلك الدولة، ويستهدف في الأساس مصلحة مواطنيها وأهلها، ولا يجوز مطلقاً مصادرة قرار تلك الدولة لمصلحة دولة أخرى أياً كانت الأسباب والمبررات.
كل هذا معروف ومفهوم، وتحرص جميع الدول على الالتزام به، إلا أنه ومع كل هذه الاتفاقيات والأعراف الدولية توجد دول تُحكَم من قِبَل أنظمة متمردة وشريرة فرضتْ هيمنتها وتسلطها على دول أخرى، عبر نفوذ شخصيات وجماعات وأحزاب في مراكز السلطة في بعض الدول، مما أدى إلى مصادرة قراراتها السياسية والإستراتيجية، واستباحة مقدراتها وتحويلها إلى ساحة خلفية أشبه بمزرعة لتعزيز مصالح دولة أجنبية أخرى على حساب مصالح الدولة الوطنية المستباحة.
ومثلما وضعت الاتفاقيات والمواثيق لتعزيز السيادة الوطنية والاستقلال السياسي، وأيضاً وضعت الضوابط لمنع أي اختراق وتجاوز من قبل الدول التي تحكمها أنظمة متمردة، إلا أنه ليس كل ما تتضمنه الأنظمة والاتفاقيات والمواثيق الدولية يُطبق ويحرص على تنفيذه، وهناك كثير من التجاوزات التي حالت دون وقف التجاوزات التي ترتكبها الأنظمة المتمردة، ومنها ما يقوم به النظام الإيراني الذي كشف عن إقامته معسكرات لتدريب المقاتلين الحوثيين اليمنيين في جنوب سوريا، وبالتحديد في مدينتي بصرى وإزرع. وكشفت وكالات استخبارات أوروبية بأن مدربين من الحرس الثوري الإيراني يقومون بتدريب الحوثيين بواقع مئة شخص، فيعودون بعد تأهيلهم إلى اليمن ليشاركوا في المعارك الدائرة هناك، وهذه المعسكرات لا تخضع لأي سلطة أو توجيه من النظام السوري الحاكم، وإنما تدار من قبل الحرس الثوري الإيراني المنتشر في العديد من المدن السورية. ومعسكرات الحرس الثوري في سورية ليست الأولى في بلد عربي، فقد أقامت إيران معسكرات لتدريب مواطنين بحرينيين في معسكرات أقامتها مليشيات (أهل الحق) وبالذات في مدينة البصرة يقوم بالتدريب فيها أيضاً ضباط من الحرس الثوري الإيراني. فالنظام الإيراني استباح الأرض العربية، وحولت كثيراً من البلدان العربية إلى مزارع لتدريب الأشرار.