جاسر عبد العزيز الجاسر
للمرة الثالثة يخاطب نتنياهو رئيس وزراء الكيان الإسرائيلـي الكونغـرس الأمريكي بشقيه مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وهو (شرف) لم يحظَ به سوى الزعيم التاريخي لبريطانيا وينستون تشرشل، مع الفارق الكبير، كون بريطانيا الحليف الإستراتيجي التقليدي والدائم لأمريكا، والدور المميز للزعيم البريطاني في المشاركة بإدارة قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، وأن بريطانيا كانت شريكاً فاعلاً ومعاوناً رئيساً لأمريكا، عكس الكيان الإسرائيلي الذي يظل كياناً طفيلياً يتعيش على عطايا أمريكا. ومثَّلَ خطاب نتنياهو مفارقة منطقية، إذ نرى المتسول يتطاول على صاحب النعمة، ومع هذا حُظي خطابه بخمس وعشرين وقفة تصفيق حاد من أعضاء الكونجرس، نكاية منهم برئيسهم أوباما، أو تطرفاً صهيونياً من قِبَل مَنْ يمثلون الشعب الأمريكي الذي من سوء حظه أن يرى ممثليه يصفقون لمن يسيء لرئيسهم.
تلك السياسة الأمريكية التي تصبح غير منطقية وحتى غير مفهومة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل.. فإسرائيل مقدمة على أمريكا، وكلُّ شيء في أمريكا مجندٌ لخدمة إسرائيل، حتى أعضاء مجلسي الكونجرس.
نعود لخطاب نتنياهو الذي تركز حول مخاطر امتلاك النظام الإيراني للإسلحة النووية، وأن برنامج إيران النووي سينتهي لا محالة بتصنيع الأسلحة النووية، وهو استنتاج يحظى بكثير من التأييد، وأن هناك الكثير من الدلائل تؤكد هذا الرأي الذي يعزز مواقف نتنياهو، وكثير من الجهات الأمريكية والأوروبية والإقليمية في المنطقة، ولكن لأوباما وإدارته رأي آخر يتمثل في احتواء النظام الإيراني من خلال منح نظام ملالي إيران امتيازات ومناطق نفوذ على حساب الدول العربية التي كانت وحتى الآن تصنف كدول حليفة لأمريكا، إلا أن لأوباما رأياً آخر، وهو لا يمانع من استبدال كل حلفاء أمريكا بنظام ملالي إيران، وهو ما ظهرت مؤشراته بغض النظر عن التجاوزات الإيرانية الأخيرة في اليمن، والسماح للقوات الإيرانية في المشاركة في المعارك الدائرة في العراق، وبالتحديد في محافظة صلاح الدين ضد قوات داعش.
نتنياهو أثار نقطة أساسية، وهي عدم وجود اختلافات في الأيدلوجيات بين نظام ملالي إيران والجماعات الإرهابية من داعش والنصرة وغيرهما، ونحن نضيف أنه فعلاً لا يوجد اختلاف بين نظام ملالي إيران والكيان الصهيوني والمنظمات الإرهابية أياً كان انتماؤها المذهبي، فهم يختلفون حول مَنْ سيحكم المنطقة العربية، الصهاينة أم الصفويون أم الإرهابيون.