جاسر عبد العزيز الجاسر
أضافت المملكة العربية السعودية لسجلها الأمني الحافل في التصدي الناجح للجماعات الإرهابية إنجازاً كبيراً، تمثل في تحرير قنصل المملكة في عدن عبد الله الخالدي بعد ثلاث سنوات.
وتُعد عملية نجاح المخابرات السعودية في تحرير القنصل السعودي الخالدي واحدة من أهم العمليات جرأة وخطورة، التي تعجز أقوى الأجهزة الأمنية والمخابراتية عن تنفيذها. وكلنا يتذكر فشل المخابرات الأمريكية في تحرير رهائن السفارة الأمريكية في طهران، التي انتهت بفشل كبير، أسفر عن مقتل العديد من عناصر المارينز الأمريكيين، إضافة إلى تحطم عدد من الطائرات المروحية الأمريكية. أيضاً فشل القوات المصرية في عملية تحرير وزير الثقافة المصري، التي حدثت في السبعينيات في قبرص، وانتهت بكارثة في مطار قبرص الدولي.
نجاح السعودية في تحرير القنصل السعودي في عدن يلقي الضوء والاهتمام على التطور الكبير للقدرات الأمنية والاستخباراتية للمملكة العربية السعودية، خاصة أن عملية تحرير القنصل عبد الله الخالدي تمت عبر الأراضي اليمنية، ووصل المحرَّر إلى شرورة (المنفذ السعودي مع اليمن)، ومن هناك نُقل إلى العاصمة الرياض.
نقل الخالدي عبر الأراضي اليمنية، وقبل ذلك التعرف على مكان احتجازه في مثل أوضاع اليمن، يعتبر من أكثر العمليات صعوبة في العمليات الاستخباراتية. وإذا أضفت إلى ذلك طول مدة الاحتجاز، الذي استمر ثلاثة أعوام، فإن عملية التحرير تزداد صعوبة. فالمعروف أن الخاطفين يعملون على تغيير أماكن من يخطفونهم، ويحرصون على طمس أي علامات تقود من يبحثون عنهم إلى مكانهم. ولكن في مقابل تطوير أساليب الجماعات الإرهابية والإجرامية، وصعوبة التعامل معهم، تحرص الدول على تشكيل وتدريب وحدات خاصة لتحرير الرهائن والمختطفين، يُختار أعضاؤها من بين أكثر العناصر الأمنية والاستخباراتية كفاءة للعمل ضمن صفوفها؛ إذ يمتازون بمستوى عال من الكفاءة والتدريب، ليس فقط في تنفيذ العمليات الأمنية السرية، بل أيضاً في جمع المعلومات الدقيقة والصحيحة التي لا تقبل الخطأ. ولذلك فليس كل الدول تمتلك مثل هذه الوحدات الخاصة، والحمد لله تمتلك المملكة وحدتين خاصتين على مستوى عال جداً من الكفاءة، واحدة تتبع لرئاسة الاستخبارات العامة، وأخرى لوزارة الداخلية؛ وهو ما يجعل المملكة العربية السعودية بمستوى الدول المتقدمة جداً في هذا المجال، ومنها وحدات المارينز في أمريكا، ووحدة التدخل السريع الألمانية. وسوف يضيف هذا النجاح لتلك العملية النوعية المتقدمة جداً رصيداً إضافياً لنجاح الأجهزة الأمنية السعودية، التي تُصنف من بين أكثر الأجهزة الأمنية احترافية وقدرة على مواجهة الجماعات الإرهابية والإجرامية؛ وهو ما عزز نظرة الدول والإرهابيين على حد سواء للمملكة، وقدرتها على مواجهة التحديات وأساليب النيل من أمنها وأمن مواطنيها.