د. خيرية السقاف
من نعم الله على الإنسان أن آتاه العقول التي تبتكر، وتنتج، فتعينه على كثير من أموره، وتوفر له المختلف من وسائل
تختصر له الوقت، والجهد.. لعل في أولها يأتي جهاز «الكمبيوتر» بأنماطه وأشكاله، ومختلف أحجامه، هذا ليس جديداً، وهو في ضوء الواقع أمر بدْهي مع اطراد استخداماته، وعظيم أدواره، حتى إن الحكومات أصبحت تدار عنه، يوفر لها الكثير مما كانت تقدّمه من إجراءات، وترصده من عناصر، وأدوات بما فيه القوى العاملة من البشر..
هذا الجهاز حقق للفرد الخدمة الذاتية، ومكنه من الاعتماد الكلي على نفسه..
وكنتُ ولا أزال في شأن الكتابة لا يمحو شغفي بقلمي، ولا بورقتي أي إغراء، ولا إغواء لهذا الجهاز..
غير أنني سخرته فيما يحتاج إليه الوقت لوقعه المتسارع، لتيسره، وتوفيره، واختصاره، وبلوغه اتجاهات هناك ما، ومن يماثلون الحاجة للوقت فيها..
أما عدا الأمور العملية، فقلمي السادن والبواب..!!
هذا التناغم ما اعتراه إلا ما استجد في الصحيفة التي أكتب عنها لقرائي، مذ استحدثَت مع تطوراتها نافذة ابتكرتها، وخصت بها كتابها، عنها تتلقى ما يكتبون، فشئت ألا أكون خارج السرب..
منذ هذه النافذة الوسيط بيني وبين الجزيرة وقلمي يعاتبني كلما انتظر فوق منضدتي..!
وورقتي بصمت ترسل لي سؤالاً عن الفراغ، والوفاء..!
لكنني أبلسم العتاب، وأشحذ زاداً يبدد الصمت في كل لحظة هي ليست لما الصحيفة تنتظر..
شغف الحبر، ورائحة الورق،هما نبات القلم، وحنوه المستديم،..
إذ لم يستطع هذا الجهاز أن يبتكر ممحاة، فلم يهيمن على مكانه في الشغاف، ولا فيما عنه يُباح..
هذا الصباح، تعطل الجهاز...!!
هرعت لقلمي وورقتي..
لكن، وليس من سبيل آني للصحيفة غير نافذته..!!
يا للربكة..!!
ثمة مفارقة تصطرع فيها لحظة الإمكان، وعدمه..
اليسر، والصعوبة..
المشكل، والحل..!
الإنسان الذي يقفز فوق القريب منه، بالجديد الأقوى منه..!!
مع أن ليس هناك أمان مطلق لغير القلم، بورقته، ونبع محبرته..
وفي الأحوال جميعها،..
وفي الأزمان ماضيها، وحاضرها، وقادمها، سيكون هو الباقي الثابت،..
مهما تسارعت المبتكرات، ولهثت تركض بالإنسان..!!
وسترون...!!