د. أحمد الفراج
يصعب على أي إنسان أن يصدق أن تحالفاً دولياً واسعاً، يضم عشرات الدول، من بينها أعتى القوى العالمية، سيصعب عليه مواجهة تنظيم إرهابي متخلف، يسمى داعش، يتسلّح بالسواطير، ويعتقد أن محاكاة عصور «العزة الإسلامية» يكمن في تقليد ملابس أؤلئك القوم، ومحاكاة سلوكياتهم، والتحدث بطريقتهم، ولكن سيّد البيت الأبيض، الرئيس باراك أوباما، يقول لنا إنه يحتاج لسنوات، لكي يتمكّن من القضاء على هذا التنظيم البدائي!! وهو أمر تصعب استساغته، خصوصاً لمن يعرف التاريخ العسكري للغرب جيداً، فهل يا ترى سيتواصل الحديث عن قوة داعش الأسطورية، أم ستتغيّر الإستراتيجيات، بعد أن أصبحت مبالغات الساسة الغربيين عن خطر داعش مجال تندر كبير؟!!
قبل فترة، صدر كتاب بعنوان «إدارة التوحش»، لمؤلف مجهول، يدعى أبو بكر ناجي، ورغم أن هناك من يقول إن المؤلف ضابط استخبارات عربي، انضم للقاعدة، وآمن بأيدولوجيتها، إلا أن هناك من يؤكد أن اسم المؤلف المزعوم وهمي، وأن الكتاب تم إعداده من قبل مجموعة عمل، تتبع لجهة ما، وتم تأليفه لهدف ما، والكتاب يحكي عن كيفية إدارة الشعوب، بعد أن يتم إسقاط حكوماتها، إذ إن المؤلف يتحدث عن مرحلة ما بعد سقوط النظام، ويؤكّد على أن هذا سيعقبه
«مرحلة توحش» سيعاني منها السكان المحليين كثيراً، وينصح بهذا الخصوص بأن تحسن التنظيمات التي ستتولى زمام الأمور، خلال مرحلة التوحش، ضبط الأوضاع، والتخفيف من معاناة الناس، والآن نرى «التوحش»، عياناً بياناً، في سوريا والعراق واليمن، وهنا نتساءل: هل كان مؤلف الكتاب - يا ترى - منجماً، تصدق تنبؤاته لهذه الدرجة من الدقة؟!!
ثمة تساؤل آخر، هل أحسنت التنظيمات ضبط الأوضاع، خلال مرحلة التوحش التي نتابعها الآن، وهل يدخل قطع الرؤوس، والأطراف، والحرق، والرمي من المباني العالية ضمن مساعدة التنظيمات للسكان المحليين، أم أن مثل هذه السلوكيات تعتبر رحمة منزلة، خلال مراحل التوحش؟!! وإذا كان هناك من يعتقد بأن السلوك البشري السوي سيعود إلى أماكن التوحش، بعد القضاء على تنظيم داعش، فعليه أن يراجع حساباته، إذ إن هناك من يعتقد بأن القضاء على «داعش» سيعقبه ظهور «تنظيم خراسان» الشرس، والذي بالكاد يعرفه أي أحد، ولكنه موجود على أرض الشام والعراق، وسبق أن أعلنت أمريكا أنها ضربت موقعاً له، مع بداية التحالف الدولي ضد داعش، وبالتالي فإننا لا يجب أن نتفاءل كثيراً، لأن الأسوأ لم يبدأ بعد، في هذه المنطقة المنكوبة، حسب تأكيد كثير من المراقبين، والمحلّلين، فترقبوا ظهور «تنظيم خراسان»، واسم الخليفة الجديد للمسلمين!!