موضي الزهراني
من خلال عملي في مجال الحماية الاجتماعية، ومتابعة كثير من حالات العنف الأسري بزيارتهم الميدانية في منازلهم المتفرِّقة في أحياء الرياض المترامية والمختلفة في مستواها من شعبية إلى حديثة، كانت فرصة عظيمة لقياس الاختلافات بين الأحياء في تلبيتها لاحتياجات سكانها من مرافق عامة ولكنها في نفس الوقت هامة لتلبية احتياجاتهم. ولكن للأسف الشديد مع مرور السنوات لم أجد ذلك التغيّر القوي بين الأحياء فيما يخدم فئة المراهقين بالذات، والشباب أيضاً من حيث احتواء احتياجاتهم من خلال الأحياء وما يتم توفيره فيها من مرافق حيوية وهامة كمثل (الملاعب) ذات المواصفات الحديثة، وما تحتويه من مرافق مكملة لها لكي تحقق الهدف الرئيسي والمرجو منها. ولماذا ذكرت هنا الملاعب ولم أشر للحدائق العامة مثلاً؟ لأن الخصائص العمرية لهذه الفئة تبرز فيها أكثر الجانب الحركي والطاقة الجسدية المتجددة والتي بحاجة مستمرة للتنفيس الحركي الموجه وليس العشوائي والمندفع والذي لا ينتج عنه إلا الكثير من المشكلات السلوكية والأخلاقية لهذه الفئة كمثال (التعاطي، والتفحيط، والمعاكسات) ولذلك تأسفت كثيراً أن التخطيط لمدينة الرياض وهي العاصمة لم يكن عادلاً بحق الفئة المتوسطة من المراهقين والشباب، وذلك من خلال ما شاهدته الأسبوع الماضي لتجمع كروي كبير لشباب على ملعب ترابي على أشهر طريق بالعاصمة (طريق الملك عبدالله رحمه الله) هذا الملعب الترابي لا يحظى بأي استعداد رياضي أو مكاني، وموقعه حساس وخطير، ولا يوحي بأي اهتمام لبلدية هذا الحي وغيره من الأحياء الجديدة بإنشاء الملاعب الرياضية على مستوى الحي لاستقطاب الكثير من الشباب الذين لا تساعدهم ظروفهم المادية على دفع الآلاف بشكل دوري للانضمام للمراكز الرياضية التجارية والمنتشرة في بعض الأحياء، لكي يمارس رياضته المحببة لساعات بسيطة فقط! وعلى الرغم من ذلك كثير من تلك المراكز دون المستوى الطبيعي في خدماتها وأهدافها المنشأة لها! فإذا هذا حال الشباب ساكني أحياء الشمال! فماذا يكون حال الشباب في الأحياء الشعبية في جنوب وغرب الرياض ذات الكثافة السكانية والتي أصبحت تعاني من تجمعات المراهقين والشباب ذوي الدخل المحدود في الشوارع، وعند المحلات التجارية، وما ينتج عن تلك التجمعات من مشكلات أخلاقية لا حصر لها خاصة مع تعدد الجنسيات في السنوات الأخيرة! ومن المؤسف أن الهيئة العليا لتطوير الرياض قد أغفلت الارتباطالإيجابي ما بين المشكلات الأخلاقية، والفراغ والكبت الحركي للتنفيس عن الطاقة المتجددة للشباب والفتيات أيضاً واللاتي لا يحظين بأي أندية منشأة داخل الأحياء! وهذا الإغفال واضح لجميع الأحياء دون استثناء، فالمراكز الرياضية التجارية لا تحقق طموحات جميع فئات الشباب باختلاف مستوياتهم الاجتماعية والمادية، وإن كان من أبسط حقوقهم التمتع بذلك بدون مقابل!