أمل بنت فهد
بعض الخيبة شكوى.. وبعضها غضب.. وأقساها لحظة كفاحك كي لا تسقط منك كرامتك وعزتك.. رغم أن الثقل الجاثم على صدرك استنزف قواك.. فلا تدري كيف بقيت منتصباً ومتحدياً لأدنى ارتعاش يمكنه أن يشي بالانكسار.. ففي بعض الوجع يكون اعتبار الذات رأس مال.. والغنيمة الوحيدة.. وما عداها خسائر.. تعتقل الألم قبل أن يصل لحواسك ويثرثر نيابة عنك.. أمام مصدر إيلامك.. في موقف يحكي قصة فارس لم يعد يستبين موضع النزف.. أهو من غدر خنجر مزق خاصرته.. أم من جسارة رمح استقر قريباً من قلبه.. أم من جنون سيف اختلطت برودة نصله بحريق دم تدفق من عضده.. ضاعت كل الحسابات وسط الفيضان القاني.. وبقيت الراية ترفرف بيده.. يقاتل الموت في محاولة أخيرة لتحدي السقوط والمهانة.. حتى آخر نفس.. وآخر قطرة دم.. مثله مثل قرار الانسحاب في ساحة نزال لا تعرف الشرف.. ومع ثعالب تظن الخداع مهارة.. أن تترك لهم المكان وتغادر.. قرار لا يطيقه إلا أصحاب المبادئ والشيم.. أما قطَّاع الطرق والعصابات فيطيب لهم الخوض في العفن والطين.. تتركهم وفي حناجرهم غصة ما كانت ستبقى لو سمحت لهم أن ينفثوا سمهم.. ويمضوا مؤامراتهم.. لهم ضحكات لا تجلجل إلا عندما تنفلت الطريدة بين متاهات مكائدهم وتتخبط فيها وتضيع.. في ظلمات وبرد وجوع وعري.. تلك تسليتهم.. فلا تسمح لهم أن يجعلوك
«مهرج» الحفلة الآثمة.. إنما تحسس مواضع الخسة وتراجع عنها.
وعندما تتشابه عليك الأقنعة.. فتذكر أن لا أحد يستطيع أن يؤلمك إلا من تحبه وتقدّره وتحترمه وتصدّقه.. لأنك لا تفتح حصونك إلا لمن يأذن له قلبك وعقلك.. أما ما دونهم.. إن هم إلا بشر بينهم وبين مشاعرك مسافات وجيوش.. لتبقى روحك آمنة مطمئنة.. ففي الحب فراديس غفران تفرش دون حساب.. حتى لا تكون حقل تجارب لرمي السهام من المارة.. كل حسب مهارته في التصويب.. سيمر بك غرباء تمنحهم الغربة تصريح الممنوع فلا أحد سيعرفهم ويحاسبهم.. ويمر الصغار والكبار والتافهين والحكماء والأغبياء والدجالين والنصابين... ووو إلخ.
لذا.. أخبر مشاعرك إن فاضت بحزن أو غضب.. أن الحب منزلة ليست للجميع.. وليس لأحد أن يلمسها متى شاء.. لتتعلم البلادة واللا مبالاة في حضرة الغرباء.. وأن تسكت ليتصدر الضمير.. ويقول كلمته ويعلن قراراته.. لها الأحباب.. وله الأغراب.