سعد السعود
فريق لم يخسر أي مباراة طوال الموسم.. بل في كل جولة يقدم الأجمل ولشباك المنافسين يتخم.. مازج بين لاعبي الخبرة كأسامة هوساوي وتيسير والمعيوف.. وبين من أثبت وجوده رغم صغر عمره مثل بصاص وباخشوين.. ولم يهمل أولئك الشبان الذين يحترقون في الدكة ويبحثون عن فرصة، فقدم لنا المدافع الصلب معتز هوساوي والجناح الخطير أحمد العوفي.
أما إدارة النادي فلم تألُ جهداً في عمل ما من شأنه رفعة الفريق.. فكانت كلما وجدت في فريقها عيباً سارعت لعلاجه.. أصيب منصور الحربي بالرباط فاستعانت بالمصري المبدع عبد الشافي.. ولم ينجح الأجنبي إسحاق فلم تنتظر طويلاً واستبدلت الأوراق.. فأحضرت البرازيلي روزفالدو بديلاً.. وعانى الفريق في صناعة اللعب بعد رحيل إيرك فتم جلب داني كينتانا وعندما لم يبدع.. لم تكابر ولم تجد حرجاً بإعادة برونو سيزار.
وعن المدرب يحلو الكلام.. فالسويسري جورس نال من المنافسين قبل المحبين التقدير لعمله والاحترام.. ولا يمكن الحديث عنه بمعزل عن لغة الأرقام.. فالدفاع هو الأقوى بين فرق الدوري.. في حين أن هجومه هو الثاني بعد النصر وكلنا يسمع في كل لقاء قنابل السومة كيف تدوي.. ولأن الموسم طويل والمنافسات مختلفة وجدنا المدرب الكبير يفعّل عملية المداورة بين اللاعبين باقتدار.. وربما لا يعلم الكثير أن المدرب أشرك في مباريات فريقه الماضية 25 لاعباً، وهو ما يؤكد حرصه على جاهزية كل قائمته وقدرتها على العمل بنفس الجودة من بداية الموسم وحتى نهايته.
فريق كهذا جمع بين حنكة إدارة ودهاء مدرب وإخلاص لاعبين.. لا يمكن أن يستكين عن المنافسة أو يلين.. لذلك لم يكن للاستغراب موطن وهو يتوج بذهب كأس سمو ولي العهد.. فالفريق الذي اسقط النصر بطل دوري العام الماضي ومتصدره حالياً بغياب أبرز لاعبيه هناك في جدة.. ثم ارتحل للرياض ليقابل المتعطش الهلال الذي لا زالت غصة الأسيوية في حلقه وفي الدوري فقد بريقه.. لكن كما قيل للبطولة رجال.. والعزيمة والإرادة وحدها هي من يقهر المحال.
فقد شاهدنا الفريق الأخضر وهو لا يلقي بالاً للجمهور الذي كان أغلبه أزرق.. ولم يتأثر بالملعب ولا حتى غياب برونو سيزار وعدم مشاركة السومة من البداية.. وحتى عندما هاجم الهلال الشوط الأول لم يرتبك أو يقلق.. بل كان صبوراً ينتظر الفريسة لينقض عليها.. وهو ما حدث الشوط الثاني عندما شارك الغزال السوري فكان وفياً كعادته لهوايته بهز الشباك.. ولأن صعود الجبل لا يخلو من المشقة.. ولا يمكن بسهولة الوصول للقمة.. شاهدنا الفريق يكافح ويقاتل بعدما طرد حارسه الأساسي.. حتى خيّل للمشاهد أن الفريق مكتمل ولم ينقص.. وذاك لم يكن ليحدث لولا جاهزية اللاعبين التي تحدثت عنها بإشارتي لمداورة المدرب.. فضلاً على روح وقتالية اللاعبين.. ولأن الروايات لا يمكن أن تكتب من فصل واحد.. وجدنا المدافع الشاب معتز هوساوي يطلق رصاصة الرحمة على الشباك الزرقاء.. وعندئذ أيقن كل متابع أن فريقاً يملك كل تلك القدرة لا يمكن إلا أن يخرج بطلاً.. ولذلك لم يهتز ولم يصبه أدنى شك بعد هدف اليوناني سامراس.. بل واصل ذات العزف.. ليزف فريقه للبطولة باستحقاق.. فهل غير الأهلي يستحق البطولة؟!.
الخضير.. أعاد الأمل
ليس سراً أن الحلقة الأضعف في رياضتنا هم الحكام.. وليس جديداً أن أكثر ما يتم مهاجمته هي لجنة الحكام.. وليس ذلك اعتباطاً فما قدمته اللجنة طوال أعوام.. لا يمكن إلا أن تناله السهام.. ولذلك وضع الجميع يده على قلبه فور تكليف الحكم تركي الخضير ليدير النهائي الكبير.
لكن والحق يقال.. قدم الحكم الشاب أداءً لم يكن أكثر المتفائلين يتوقعه.. أدار المباراة بامتياز.. ومنح الفريقين حقهما بلا زيادة أو نقصان.. لم تكن لديه قرارات خاطئة مؤثرة.. فلم نسمع أثناء المباراة أو حتى بعدها من ينتقده.. ولأن جماليات ما قدمه الحكم طوال المباراة لن تكتمل إلا بلقطة ختام.. شاهدنا فور إطلاقه صافرة النهاية سجوده لله شكراً.. فهل أجمل من ذلك؟!.
وغادر الشاعر
يختلف الجميع حول عمل الأمير عبد الرحمن بن مساعد في فريقه أو يتفق.. لكن هذا الجميع حتماً لا ينكر على الإطلاق ما يتمتع به هذا الرجل من دماثة الأخلاق.. حيث قدم دروساً لمنافسيه في ماهية التواضع عند الفوز وعدم الإساءة عند الخسارة.. فلم يسقط يوماً بقول لا يجوز.. ولم يهوِ بإشارة مسيئة أو تجاوز.
بذل وعمل وحتى بصحته ضحى.. وحقق البطولات في سنينه الأولى.. وعندما وجد أن فريقه بدأ يهوي.. وجدناه يوقع استقالته ويمضي.. وبظني وعطفاً على ما قدم فهو يستحق الشكر من جمهوره حتى لو أخطأ فيما اجتهد من عمل.. فالوحيد الذي لا يخطئ هو من لا يعمل ويكتفي بالكسل.. ولذلك فإنَّ لفتة امتنان هي أقل ما يستحقه الرجل من محبي الأزرق في أول لقاء قادم.. فهل أنتم فاعلون؟.