بعض الذكريات تبقى خالدةً لا يطويها النسيان مهما نأى بها الزمن.. بل إن استعادتها للواجهة يبعث على الشجن.. واسترجاع أدق أدق تفاصيلها يضاهي أجمل لحن.. حتى إنك معها تتراقص طرباً وكأنك تستمع لمقطوعة حيكت بفن.
- «يلا محيسن أرفع الكورة دي.. يلا محيسن.. وبالعرض ناحية شايع.. وشايع تعدي منه لكن لسه الكورة مع شايع.. وشوت بالمرمى.. وقوووووول «.
- «ويمشي ماجد.. ويكسر صيني واثنين وثلاثة.. وطقم الصين كله.. ويحطها هدف جميل.. هدف رائع وإعجازي».
الصوت: علي داوود.. التاريخ: 16 ديسمبر 1984 م.. المنافس: الصين.. والإمضاء: النعيمة بالمنصة يصرخ آسيا خضراء.
- الركلة الترجيحية الخامسة « يارب الخامسة يارب.. ما لومك أعصابك يا هريفي.. أهدى.. شوي شوي.. ألعبها يا هريفي.. ياااااااه.. قوووول.. السعوية أبطال آسيا «.
الصوت: محمد البكر.. التاريخ: 18 ديسمبر 1988 م.. المنافس: كوريا.. والإمضاء ثانيةً: النعيمة يحتضن الكأس بين قبضتيه وآسيا خضراء.
- الركلة الترجيحية الخامسة « يلا يا خالد.. حطها.. ويحطها خالد مسعد.. السعودية بطلاً لكأس الأمم الآسيوية.. السعودية فوق مهم السحب «.
الصوت: غازي صدقة.. التاريخ: 21 ديسمبر 1996 م.. المنافس: الإمارات.. والإمضاء ثالثةً ثابتةً: يوسف الثنيان يعلن هذا البيان آسيا عروس خضراء.
هكذا كانت طقوس الفصول الأخيرة في أجمل ثلاث روايات سعودية في آسيا.. في سنغافورة كانت بداية المطر.. ثم في قطر ازداد الغيث وانهمر.. لتكون الإمارات شاهداً قبل أن يتوقف القطر ويجف النهر.
جميلة هي الذكريات المحفورة بالذهب.. جميل هو ذاك الحنين لماضٍ لا ينضب.. مسعد ذاك الجيل حينما كان يلعب.. لم يكن يستكين لخسارة ولا يكل من إعادة المحاولات أو يتعب.. كم من مرة أدخل الفرح في قلوبنا ورسم السرور على شفاه الشعب.
ما أحوج لاعبينا الحاليين لمثل تلك الروح قبل حتى الأداء والمستوى.. فقد كانت هي الزاد لأولئك الجيل السابق ولم يكن فنياً فقط لذلك وصل عنان المجد وارتقى.. نحتاج لمثل ذاك الطموح وتلك القتالية وأولئك الفتية.
أما الجانب الفني فلا أظن رفاق سعود كريري ببعيدين عن أولئك النجوم السابقين.. ففي أغلب المراكز هناك النجم والنجمين.. ففي الحراسة وليد.. وعلى ضفاف الدفاع سد عنيد.. وأمامه وسط يضيف كل جديد.. وهنالك هجوم يفل الحديد.. لكن تتالي الضربات.. وتعدد النكسات.. هو من افقد بعض المسؤولين قبل اللاعبين ثقتهم.. فرأينا التقليل من أولئك النجوم وإخماد جذوة حماسهم بدلاً من إيقاد شموع الأمل.
لذا كم أتمنى من مسؤولي المنتخب أن يصافحوا اللاعبين في معسكرهم بعرض مرئي لملاحم 84 و88 و96 وحتى 92 و2000 و2007.. عندما كان الأخضر لا يرضى إلا بالذهب أو قريباً منه.. فالمشجع العادي يشعر وهو يشاهدها بالحماسة تسري بدمه.. فكيف بلاعب يشارك داخل الملعب بشحمه ولحمه.
أخيراً، لنضع ألوان أنديتنا جانباً.. فالأخضر هو من يشارك قارياً.. الفوز يحسب للبلد والخسارة حرقة وألم.. ولنضع شعار أنديتنا بأدراجنا.. فلا صوت يعلو على الوطن ورجاله هناك في استراليا.. ولنكن يداً واحدة.
لنصمت.. حتى حين !!
يجب إغلاق الحديث نهائياً عن تجاوزات بعض اللاعبين في معسكر المنتخب في استراليا.. فالبطولة لم يتبق لانطلاقتها سوى ثلاثة أيَّام.. ومثل تلك الأحاديث الآن لا تفيد فما أحوج الأخضر للهدوء والتركيز في تلك الأجواء بالتحديد.
وأعتقد أنه بعد العودة من هناك يمكن فتح الأمور المغلقة.. فالصوت والصورة واضحة لدى المسؤول.. والمساءلة حتماً والمحاسبة يطالب فيها الجميع.. ليس نكاية بأحد.. لكن حتى لا تتكرر مثل تلك التجاوزات.. وبظني مهم جداً سن قوانين وتحديد أنظمة لمعالجة مثل تلك المواقف مستقبلاً.. حتى يكون ذلك واضحاً للاعب أولاً ثم للمتلقي منعاً للتأويل وبعداً عن التأليب أو التهوين.
رحم الله ابن عفار
غادرنا الأسبوع الماضي كبير مشجعي الشباب عبد العزيز بن سعود العفار.. بعدما قضى سنين حياته في جنبات الشباب.. لم يفارق الليث للحظة.. حتى وافته منيته.
كان يشارك الشبابيين الأفراح.. ويواسيهم عند الأتراح.. معهم في كل الحالات.. حتى وهو يئن في آخر حياته من الآلام.. تعدد الإداريون.. واختلف اللاعبون.. وتغير المقر.. وبقي هو وفياً لم يتغير.
رحمك الله أبا سعود.. وغفر الله ذنبك.. وجعل قبرك روضة من رياض الجنة.. وكم أتمنى من رجالات الشباب ألا ينسوا تضحيات هذا الرجل.