د. عبدالواحد الحميد
ما قيمة الأحكام القضائية إذا كان هناك من يتجاهلها ولا يأبه بها؛ لأنه يعتقد أنَّ «نَفَسَه» أطولَ من «نَفَس» الجهات المسؤولة عن تنفيذها!؟
بعض المحكوم عليهم يجيدون التملص من تنفيذ الأحكام بألف طريقة وطريقة!! وهم، قبل ذلك، يجيدون أيضاً تعطيل العدالة؛ كي لا تأخذ مجراها، وذلك عن طريق التسويف وافتعال الأعذار والحجج، وعدم الحضور إلى المحاكم، ويظنون ـ بذلك ـ أنهم يدفعون الخصم إلى اليأس والتنازل عن حقه أو بعض حقه. وبعد أن تصدر بحقهم أحكامٌ بالإدانة يماطلون بالتنفيذ من أجل كسب الوقت لصالحهم، وتضييع مصالح المحكوم لهم، وهم بذلك يجعلون العدالة منقوصة حتى بعد أن يتم تنفيذ الأحكام.
وقد كان من ضمن خطوات التطوير التي تحققت في مرفق القضاء خلال المدة الأخيرة إنشاء محاكم للتنفيذ، وذلك بعد طول انتظار. وكما هو متوقع، فقد تكشفت أمور لم يكن من الممكن معرفتها أو تصديقها بمجرد ممارسة هذه المحاكم لمهامها! ومن ذلك ما نشرته جريدة الجزيرة في الإحصائية التي أوضحت أن محاكم التنفيذ في المملكة استطاعت أن تعيد أكثر من ستة وثلاثين مليار ريال لأصحابها بالقوة الجبرية خلال العام الماضي وحده!!
لقد كان إنشاء محاكم التنفيذ خطوة مهمة في تطوير القضاء، وكان إنشاؤها واحداً من المطالب التي طالما رفعها وتحدث عنها أهل الاختصاص، وكذلك مَنْ اكتوَوا بالممارسات العابثة التي كان يقوم بها المماطلون. وقد جاء إنشاء محاكم التنفيذ بمنزلة تطوير لدوائر التنفيذ في المحاكم العامة؛ ما رفع من كفاءتها وفاعليتها.
إن ما يمكن أن يتحقق من إيجابيات من جراء تطوير مرفق القضاء كبير جداً، وما زالت مساحات التطوير كثيرة، وهذا ما يدفعنا إلى المطالبة بتسريع الجهود لاستكمال ما تم تحقيقه في السنوات الأخيرة. وهنا لا بد أن نحيي وزير العدل السابق الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى على جهوده الكبيرة في هذا المجال، ونتطلع إلى أن يبني وزير العدل الجديد الدكتور وليد بن محمد الصمعاني على ما تحقق، وأن يضيف إليه، فالقضاء الذي يتم من خلاله تحقيق العدل هو اللبنة الأساسية في تماسك وسلامة المجتمع واطمئنان النفوس.