د. عبدالواحد الحميد
تبذل وزارة التجارة والصناعة جهوداً كبيرة ومقدَّرة لمكافحة جميع أشكال الممارسات التجارية التي تتناقض مع الصالح العام، وهي بذلك لا تحمي فقط المستهلك وإنما تحمي أيضا البيئة التجارية ومبدأ التجارة الحرة الذي يتعارض مع الاحتكار واستغلال المستهلك.
ومؤخراً بدأ الحديث يتعالى عن ارتفاع أسعار الأرز بشكل غير مبرر سوى رغبة بعض التجار في تحقيق المزيد من الأرباح على حساب المستهلك. ومعروف أن الأرز مادة أساسية جداً لا يُستغنى عنها في المنظومة الغذائية على المائدة السعودية، وبالتالي فهي تأخذ قسطاً وافراً من ميزانية الأسرة السعودية، وبخاصة الأسر ذات الدخل المنخفض.
وفي تقرير نشرته جريدة الاقتصادية ورد أن أسعار الأرز في السوق المحلية ارتفعت بنسبة خمسة بالمائة خلال الأشهر الثمانية الماضية، في حين أن أسعار الأرز في الهند التي نستورد منها نحو 68 بالمائة من وارداتنا من هذه المادة قد انخفضت بنسبة أربعين بالمائة خلال عام!! ليس هذا فحسب، بل إن عوامل وتطورات كثيرة حدثت لصالح تخفيض الأسعار لكنها لم تترك أثراً على أسعار الأرز في السوق المحلية؛ ومن هذه التطورات انخفاض تكاليف الشحن وأسعار الوقود وارتفاع سعر صرف الدولار الذي يرتبط به الريال ويجعل قوته الشرائية مرتفعة، وغير ذلك من العوامل التي كان من الممكن أن تسهم في خفض أسعار الأرز بدلاً من الارتفاع الذي شهدته في أسواقنا!!
ومن تجربة المستهلك السعودي مع الممارسات التجارية في بلادنا يعرف هذا المستهلك أن الارتفاع في سعر أي سلعة من السلع التي نستوردها، مهما كان بسيطاً، ينتقل بسرعة البرق من بلد المنشأ إلى أسواقنا؛ ولكن عندما ينخفض السعر في بلد المنشأ لا تنخفض الأسعار لدينا.
والإجابة الجاهزة للتجار عندما تسألهم عن أسباب تجاهل انخفاض الأسعار في بلد المنشأ هي أنهم لا بد أن يُصرّفوا البضاعة التي في مخازنهم التي تم شراؤها بالأسعار القديمة، لكنهم لا يقدمون لك جواباً مُقْنعاً عن سرعتهم الشديدة في رفع الأسعار محلياً عندما ترتفع في بلد المنشأ.
لا نلوم الناس إذا استقرت لدية القناعة بأن هذه الممارسات هي مجرد استغلال لحاجتهم لتلك السلعة الضرورية التي لا بد من شرائها بصرف النظر عن تقلبات الأسعار، فهي من السلع ذات المرونة المنخفضة وفق المفاهيم الاقتصادية المعروفة.
ما نتمناه ونتوقعه من وزارة التجارة والصناعة تشديد الرقابة على السوق للمحافظة على البيئة التجارية السليمة ومبدأ التجارة الحرة وإيصال رسالة إلى كل مخالف بأن حرية التجارة لا تعني حرية الاستغلال.