د. عبدالواحد الحميد
تناقلت الصحافة المحلية تصريحاً لمسؤول في القطاع الصحي الحكومي بالمملكة يفيد فيه بأن نسبة المصابين بمرض السكري في المملكة تبلغ حوالي 13 بالمائة وليس ثلاثين بالمائة كما هو شائع. وقال إن هذا الرقم الأكثر دقة هو ما توصلت إليه دراسة مسحية قامت بها الوزارة بالتعاون مع إحدى الجهات المتخصصة في الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن المعروف أن مرض السكري منتشر جداً بالمملكة وفي منطقة الخليج، وقد قيل في وقتٍ سابق إن نسبة انتشار المرض في المجتمعات الخليجية هي من أعلى النسب في العالم ولا تفوقها إلا نسبة انتشاره في مجتمعات الهنود الحمر بأمريكا.
وقيل، وقتها، إن المجتمعات الخليجية مرت بتحولات جذرية في أنماطها المعيشية والغذائية في العقود الأخيرة مثلما حدث في مجتمعات الهنود الحمر مما أدى إلى اختلالاتٍ فادحة أسهمت في انتشار مرض السكري بهذه النسب المخيفة!
قد يكون أيٌ من الرقمين صحيحاً، وقد يكون الرقم الأكثر دقة شيئاً آخر، لكن المؤكد أن مرض السكري أصبح من الأمراض الفتاكة في المجتمع السعودي وأحد الأسباب الرئيسية في الإصابة بأمراض أخرى تصيب الكلى والعيون والقلب والأعصاب والشرايين وجميع أعضاء البدن. ووفقاً للأرقام الرسمية فإن تكاليف علاج مضاعفات هذا المرض الخطير تصل إلى حوالي أربعة مليارات ريال شهرياً الأمر الذي يشكل نزيفاً مالياً هائلاً وعبئاً كبير على ميزانية الدولة!
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها وزارة الصحة والأجهزة الصحية الأخرى في المملكة للاهتمام بمرضى السكري وعلاجهم فإن المطلوب هو اكثر بكثير مما يتم تقديمه الآن. وسواء كانت نسبة الإصابة بالمرض بين السكان 13 بالمائة أو ثلاثين بالمائة فإن الرقم يظل كبيراً، وهذا ما نلمسه كمواطنين من خلال معايشتنا اليومية واحتكاكنا بالناس.
مطلوبٌ من الأجهزة الصحية بالمملكة وعلى رأسها وزارة الصحة أن تعود إلى الحكمة القديمة التي تقول إن «درهم وقاية خير من قنطار علاج». ودون التقليل من الأهمية البالغة للجانب العلاجي لمن أصيبوا بهذا المرض، نتمنى على هذه الأجهزة أن تكثف حملاتها التوعوية للتعريف بالمرض وتنبيه الناس إلى خطورته وأهمية اكتشافه بأسرع وقت لدى المصابين الذي لا يعلمون بإصابتهم بالمرض وغير ذلك من الجوانب.
وقبل ذلك وبعده نتمنى أن نعرف الحقيقة عن كل ما يتعلق بانتشار هذا المرض بين أفراد الشعب السعودي وماذا تنوي الأجهزة الصحية الرسمية عمله لمواجهته على ضوء المعلومات التي تتوصل إليها.