لم تنتهِ قصة اليمن، فالثعابين التي أجاد علي عبد الله صالح ترقيصها، وطالما افتخر بقدرته على الرقص معها، ارتوت من دماء اليمنيين، وباتت أكثر صعوبة على الترويض.
الحوثيون الذين استعان بهم علي عبد الله صالح وأراد أن يكرر رقصته مع الثعابين، تمردوا عليه، وألغوا دستوره الذي كان يكفل له إيصال أحد أعوانه رئيس مجلس النواب (الراعي) رئيساً للجمهورية اليمنية بعد استقالة نائبه الأول هادي عبد ربه منصور، واستبدلوا الدستور بـ(إعلان دستوري) مستوردين أساليب محمد مرسي الرئيس المصري المعزول، وأزاحوا (الشرعية) بتشكيل لجنة ثورية، في زمن غابت عنه مصطلحات الثورة، فأصبح الحوثيون ممسكين بزمام السلطة عبر محمد الحوثي رئيس اللجنة الثورية، ونُحي علي صالح ومؤتمره الشعبي، وأكثريته في البرلمان، الذي استُبدل بمجلس وطني حتماً ستكون أكثريته للحوثيين.
وهكذا لم يكمل علي عبد الله صالح رقصته مع ثعابين الحوثيين الذين استجلبوا أمصالاً وقائية من طهران، واستفادوا من صمت إن لم نقل تواطؤ من واشنطن، وحيرة وعجز من الدول المجاورة.
والآن مع أن الحوثيين أصدروا إعلانهم الدستوري من القصر الجمهوري، وأحضروا وزيري الدفاع والداخلية اللذين أبقوهما في منصبيهما، ونصبوا الأول رئيساً للجنة الأمنية رغم أن الأمر لم يحسم بعد، فبالإضافة إلى إخراجهم حليفهم علي عبد الله صالح، والذي رغم إبعاده لا يزال قادراً على تخريب المعادلة وإعادة التوازن إذا ما أمر (فلوله) في الجيش والأمن من العودة إلى شرعية الدولة والتخلي عن (اللجان الشعبية) التي تواجَه بغضب وعداء شعبي ليس في المحافظات الجنوبية والشرقية والغربية فحسب، بل حتى في صنعاء وعمران والجوف ومأرب.
العملية ستكون صعبة، وصعبة جداً للحوثيين والذين يواجهونهم، وقد يتغير الوضع تماماً إذا ما تكتلت المحافظات الشافعية (حضرموت وعدن وتعز وإب وشبوة والبيضاء)، وإذا ما وجدت دعماً من الذين ظلوا يرقبون الموقف صامتين. عندها سيضطر الحوثيون إلى مواجهة الرافضين دون دعم جنود علي عبد الله صالح، فهل يصمد الحوثيون وتستطيع لجانهم الشعبية التصدي للغضب الشعبي؟!
تطورات قادمة تحمل الكثير وتغرق اليمن في بحار من الدماء، والتي لم ترتو منحدراته الجبلية وصحاريه الشرقية من دماء شعب ابتلي بحكام متعطشين للسلطة على حساب أمن واستقرار البلد، وجماعات جاهزة لبيع أبنائها وقبائلها لمن يدفع أكثر!