لن تكون الطفلة الفلسطينية ملاك الخطيب ابنة الأربعة عشر ربيعاً آخر الأطفال الفلسطينيين ولا أولهم، ممن يتعرضون لإرهاب الدولة الصهيونية وتنكيلها المستمر بهم دون حسيب أو رقيب، ودون أية مراعاة للمواثيق الدولية التي تحمي حقوق الأطفال والقصر، فالطفولة في فلسطين مهدورة الحقوق وعرضة لكل الإجراءات الغاشمة التي يمارسها جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، شأنهم شأن بقية فئات المجتمع الفلسطيني، فلم يتورع الاحتلال الإسرائيلي عن إصدار حكمه الجائر يوم 28-01-2014م في معسكر عوفر غرب مدينة رام الله في حق الطفلة ملاك الخطيب وحكمها بالحبس شهرين وتغريمها مبلغ ستة آلاف شيكل (1500 دولار أمريكي) بتهمة إلقاء الحجارة على جنوده، كذباً وزوراً، حيث اعتقلت الطفلة ملاك أثناء عودتها من المدرسة إلى البيت وهي تقطع الشارع الذي يفصل مدرستها عن بيتها، وفي آخر يوم دراسي من الفصل الأول للعام الدراسي الحالي والذي صادف آخر أيام السنة المنصرمة 31-12-2014م، حيث أطفال العالم كانوا يستعدون للاحتفال برأس السنة الجديدة بينما كان قدر الطفلة ملاك الخطيب أن تقضي ليلة رأس السنة للعام 2015م داخل السجون الإسرائيلية، ولتنضم لآلاف الأطفال الفلسطينيين، الذين يغتال الاحتلال الإسرائيلي طفولتهم وبرآءتهم، تحت ذريعة تهديد حياة جنوده المحتلين والمدججين بكل أنواع الأسلحة الفتاكة...!!
لقد بلغ متوسط اعتقال الأطفال الفلسطينيين للعام 2013م معدل 199 طفلاً شهرياً، وفي عام 2014م معدل 197 طفلاً، أي ما معدله 2400 طفل فلسطيني يتعرضون للاعتقال سنوياً، وفي العام المنصرم جرى اعتقال 1500 طفل قاصر في مدينة القدس وحدها و37 حالة إبعاد و253 حالة حبس منزلي، كما أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على قتل أحد عشر طفلاً في الضفة الغربية، وإصابة العشرات بجروح مختلفة، وفي الحرب العدوانية الأخيرة التي شنتها قوات الاحتلال على غزة في الصيف الماضي قتلت 471 طفلاً من بين أكثر من 2200 حالة قتل موثقة من قبل الجهات الدولية في تلك الحرب، وإصابة الآلاف من الأطفال بالجروح المختلفة وألحقت بهم الإعاقات الجسدية والنفسية، كل ذلك والعالم يغمض عينيه عما يجري للشعب الفلسطيني ولأطفاله على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، وما يتعرض إليه الأطفال من سوء المعاملة داخل السجون الإسرائيلية من إرهاب بوسائل مختلفة، ظانة إسرائيل أن مثل هذه الإجراءات والجرائم المرتكبة في حق الطفولة وفي حق الإنسانية يومياً على يد جنودها وسجانيها اعتقالاً وقتلاً وإعاقة لن تجد من يحاسبها عليها، وأن يدها مطلوقة لتفعل ما تشاء لإدامة احتلالها للأراضي الفلسطينية، وكسر إرادة الشعب الفلسطيني في مطالبته بالحرية والاستقلال وإنهاء الاحتلال، بل يجد الحماية والتبرير من قبل قوى دولية تتباكى على انتهاك حقوق الإنسان والحيوان على السواء، وتشن الحروب باسم مواجهة الإرهاب سواء كان إرهاب أفراد أو إرهاب عصابات، وتغض الطرف بل تبرر الإرهاب الذي يمارسه جنود الاحتلال الصهيوني يومياً في حق الشعب الفلسطيني بذريعة الدفاع عن النفس..!!!
لابد أن يقف العالم اليوم بكل دوله ومؤسساته ومنظماته المدافعة عن حقوق الإنسان وعن حقوق الطفولة إلى جانب الشعب الفلسطيني وأطفاله لوقف إرهاب الدولة الذي تمارسه سلطات الاحتلال في حقهم، ورفض الأحكام الجائرة كافة التي تصدرها محاكم الاحتلال بحق الأطفال الفلسطينيين، والعمل على توفير الحماية للأطفال ولكل فئات الشعب الفلسطيني من جور وبطش جنود الاحتلال، ولابد من تشكيل لجان دولية للتحقيق بهذه الجرائم ورصدها وتقديم المتسببين بها إلى المحاكم الدولية ومحاسبة إسرائيل عليها، فقد قتل أكثر من ألفين من أطفال فلسطين على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 2000م، واعتقل الآلاف، مما حال دون إكمال حياتهم الطبيعية ومواصلة تعليمهم وأدى إلى تدمير نفسياتهم ومستقبلهم، كل ذلك فقط لأن جنود الاحتلال يتعاملون باستهتار مع حياة أطفال فلسطين ومستقبلهم ولأنهم لا يحاسبون على أفعالهم وجرائمهم المنافية لأبسط قواعد القانون الدولي والمواثيق الدولية، فالحماية لأطفال فلسطين واجبة، والحرية للشعب الفلسطيني واجبة، وإنهاء الاحتلال للأراضي العربية والفلسطينية أصبح مسؤولية دولية لابد من تفعيلها والقيام بها في أسرع وقت لإنهاء مسلسل الجرائم التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني وأطفاله وحقوقه المشروعة.