حَبِيبُنَا أَنْتَ يَا خَالدْ
هَكَذَا كُنْتَ يَا ابْنَ الْعَمّ
وَهَكَذَا غَادَرْتْ
كُنْتَ بَيْنَنَا شَمْعَةً نَادِيَةً وَادِعَةً حَالِمَةْ
تُرْسِلُ نُسَيْمَاتِ وَجْدٍ يُعَبِّقُهَا الْأَرِيجْ
وَتَرْسُمُ سَحَابَاتِ غَيْثٍ يَمْلَؤُهَا الْحُبّ
تُقْبِلُ
نَاثِراً نُوراً نَادِياً يَبْعَثُ فِينَا الْأَمَانْ
وَتُدْبِرُ
تَارِكاً طَيْفاً بَاسِماً يَشْدُو لَهُ الْوِجْدَانْ
هَكَذَا أَنْتَ يَا ابْنَ الْعَمّ
كُلُّ شَيْءٍ فِيكَ خَاصّ؛
صَمْتُكَ يَحْكِي
وَوَصْلُكَ يَرْسُمُ فِي الْقُلُوبِ الْوِئِامْ
وَهَمْسُكَ يُشْجِي
وَسَمْتُكَ يَبْعَثُ فِي النَّفُوسِ الْأَمَلْ
هَكَذَا كُنْتَ يَا ابْنَ الْعَمّ
وَهَكَذَا سَتَبْقَى؛
سَتَبْقَى ذَاكَ الْقَلْبَ الشَّفِيفَ الرَّهِيفْ
وَسَتَبْقَى ذَاكَ اللِّسَانَ اللَّطِيفَ الْعَفِيفْ
وَسَتَبْقَى رُوحاً تَسْكُنُ ذَاكِرَتَنَا؛
بِنُبْلِ أَخْلَاقِكْ، وَهُدُوءِ سِمَاتِكْ، وَحُسْنِ بَهَائِكْ
وَهَا أَنْتَ (فَجْأَةً) تَغِيبُ؛
دُونَ أَلَمٍ يُوجِعُ مَنْ حَوْلَكْ
بِصَمْتٍ؛ دُونَ أَنْ يَدْرِي أَحَدْ
فَصَعَقَنَا غِيَابُكْ
وَأَرْبَكَنَا رَحِيلُكْ
وَأَسْكَتَنَا السَّائِلُونَ عَنْكَ؛
هَلْ حَقّاً رَحَلْت؟
فَنُجِيبُ بِنَبْرَةٍ تُمَزِّقُهَا تَنَاهِيدُ الْآهْ؛
نَعَمْ؛ إِنَّهُ خَالِدْ
وَنَعَمْ؛ حِينَمَا حَانَ الْأجَلْ
غَادَرَنَا وَرَحَلْ
رِحِمَكَ اللهُ يَا خَالِدُ رَحْمَةً وَاسِعَةً، وَأَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ بِغِيْرِ حِسَابْ
وَالِدَنَا الْغَالِي أَبَا خَالِدْ
وَالِدَتَنَا الْغَالِيَةَ أُمَّ خَالِدْ
أُخْتَنَا الْفَاضِلَةَ حَرَمَ فَقِيدِنَا خَالِدْ
أَخِي الْغَالِي مَاجِدْ
أَخِي الْغَالِي رَائِدْ
عُمُومَ آلِ جُودَهْ فِي كُلِّ مَكَانْ
بِقَدْرِ مَا أُعَزِّيكُمْ، أُعَزِّي نَفْسِي
أُعَزِّي نَفْسِي وَأُعَزِّيكُمْ فِي رَحِيلِ رَجُلٍ فَرِيدْ
فِي أَدَبِهِ؛ قَلَّ مَثِيلُهُ
وَفِي نَزَاهَتِهِ، وَأَنَاقَتِهِ، وَرِقَّتِهِ، وَعُذُوبَتِهِ؛ عَزَّ نَظِيرُهُ
حَبِيبُنَا أَنْتَ يَا خَالِدْ
وَلَيْسَ لَنَا إِلَّا أَنْ نَقْتَدِيَ بِحَبِيبِنَا وَقُدْوَتِنَا مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِاللهِ؛ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ،
فَقَبَّلْنَاكَ، وَشَمَمْنَاكَ، وَوَدَّعْنَاكَ، وَقُلْنَا فِيكَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَلَذَةِ كَبِدِهِ إِبْرَاهِيمْ؛ إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضي رَبّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا خَالِدُ لَمَحْزُونُونْ.
(إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)