من الغريب بعد كل الذي جرى في الوطن العربي من قتل ودمار وتحطيم في فلسطين على يد الكيان الصهيوني، وفي الأقطار العربية شتى على يد الجماعات الإرهابية التضليلية، أن يبقى العقل العربي مغررا به، ويراهن السواد الأعظم منه على هذه القوى الضلالية، وإن كانت ترفع شعارات إسلامية وتدعي الذود عن الإسلام والمسلمين، وهي تضرب خبط عشواء من تصب في مختلف بلاد العرب، ويتطاير شررها إلى بلاد مجاورة دون أن تمس الكيان الصهيوني أو تفكر في يوم ما بأن المعركة معه على أرض فلسطين وليس مع غيره من الدول الشقيقة أو الصديقة، والأغرب من ذلك أن تجد أعمال الإرهاب هذه من يبرر لهم أفعالهم الشائنة، فقط بوجود الإرهاب الصهيوني الذي يضرب فلسطين والعرب منذ سبعين عاماً، متناسياً أنهم هم الوجه الآخر لهذا الإرهاب الصهيوني، ويجدون المبررات من وجوده واستمراره، وهي التي لم تفكر أن تقوم بأي عمل جهادي ضده أو ضد مصالحه... وهنا يأتي التغرير بهذا العقل العربي المغيب ليندفع وبشكل غرائزي غير واعي، ليبرر لها ممارساتها وكأنها مجرد رد فعل طبيعي على الإرهاب الصهيوني ويوفر لها الأعذار والتبريرات...!!
من هنا رغم الإدانات الرسمية والشعبية العربية الواسعة لما حصل في فرنسا خلال الأسبوع الماضي من أعمال إرهابية، وجدنا الكثيرين على صفحات التواصل الاجتماعي يبررون تلك الأفعال بتلك المبررات الواهية، وكأنها دفاع عن الإسلام والمسلمين، متناسين مدى الأسى الذي خلفته هذه الأفعال للمسلمين ثم للإسلام، وذلك هو الهدف الرئيسي من هذه الأفعال المدانة، وإبقاء المسلمين وقضاياهم محل شك وتشويه، والأسوأ من ذلك وجدنا الكثيرين ينتقدون المشاركة العربية والإسلامية الشعبية والرسمية وخصوصاً الفلسطينية منها في مظاهرة باريس الدولية الاستنكارية للإرهاب، فقط بسبب مشاركة رئيس وزراء الكيان الصهيوني فيها، وكأنهم يقولون: أبقوا الميدان خالياً للصهاينة يزورون الحقائق ويرسمونها كما يشاؤون ويصنعوا الرأي العام الدولي ضدنا كعرب ومسلمين وفلسطينيين...
إن مشاركة رئيس وزراء الكيان الصهيوني في تلك المظاهرة تأتي من باب الاستثمار الصهيوني لهذا الإرهاب المنسوب لبعض المسلمين، ولتعميم هذه الصورة المقيتة على المسلمين وقضاياهم، ولذا كانت مشاركة بعض الدول العربية والإسلامية فيها وخصوصاً منها الفلسطينية واجبة وضرورية رغم وجود نتنياهو حتى لا يبقى الميدان خالياً للصهاينة وحدهم...
لقد آن للعقل العربي أن يفيق من حالة الغياب والتغييب واسترداد وعيه، وإسقاط كل الأعذار والمبررات لهذه الجماعات الإرهابية والضلالية والتي ما هي إلا الوجه الآخر والأخطر للتحديات الصهيونية الاستعمارية التي تواجه فلسطين والوطن العربي منذ سبعة عقود.