أشرت في مقال الجمعة الماضي إلى عدد من الاعترافات التي يجب أن يضعها الواحد منا في باله وهو ينظر إلى الأحداث من حوله ويتفكر في حال ما أطلق عليه «داعش»، وسبب التعريج على هذه الاعترافات حتى لا يبحث الواحد منا عن شماعة يلقي عليها تبعات تقصيره في القيام بواجبة إزاء دينه ووطنه وبني جلدته، فنحن تعودنا أن نبحث في كل أمر يعترض طريقنا ويعكر صفو حياتنا عن شماعة نعلق عليها أخطاءنا وتهاوننا وتواكلنا حتى نبرئ أنفسنا ونضفي على شخصياتنا الكمال المطلق الذي نفاه الرب سبحانه وتعالى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البشر بلا استثناء.
إن الواجب عليك إزاء الانحراف الفكري الذي نعايشه اليوم وفتنة الدواعش التي أطلت برأسها في كثير من بلاد المسلمين بل تجاوزت الحدود لتصل إلى البلاد الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، وباتت تهدد منطقتنا، أقول الواجب عليك شخصياً أن:
* تسأل كبار العلماء عنهم، وتتعرف على مواصفاتهم الواردة في الأحاديث، وتتبين حكم الله فيهم، حتى تطمئن نفسك، ويستريح قلبك، ولا ينازعك أدنى شك في ضلالهم وبعدهم عن منهج الحق المبين.
* تحقق المفاصلة الشعورية معهم؛ إذ ليس في تفكير هؤلاء الخوارج المتطرفين وصنيعهم منزع عذر ولا باب اعتذار، فمنهجهم وأقوالهم وسلوكهم كل ذلك داخل في لفظة «منكر» الواردة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكراً « نكرة في سياق العموم، والمفاصلة الشعورية هي الإنكار القلبي الذي عده المصطفى عليه الصلاة والسلام أضعف الإيمان بل ليس بعد ذلك حبة خردل من إيمان، وهو في مقدور الجميع ولا يعذر فيه أحد أبدا.
* تعلن وتجهر بالإدانة الصريحة والواضحة التي لا لبس فيها ولا عوج لأفكار هذه الفئة الضالة وتستنكر أعمالهم المحرمة بل تواجههم وتنازلهم وتقاتلهم إذا استدعى الأمر ذلك استناداً إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم « فإذا لقيتموهم فاقتلوهم» الوارد في حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام الذي رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأخرجه الشيخان البخاري ومسلم: «سيخرج في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتالهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة».
* تشكر الله عز وجل ثم تشكر قادة البلاد على ما يولونه من اهتمام كبير لأمان المواطن والمقيم والزائر وراحتهم وطمأنينتهم، وتعترف اعترافاً مصدقاً بأن وزارة الداخلية ورجال الأمن الأشاوس قاموا بواجبهم ولا زالوا يذودون عن حياض الوطن ويدافعون عنه، وقفوا في وجه المفسدين الإرهابيين والمروجين المهلكين على حد سواء، وحقهم علينا جميعاً التقدير والاحترام والاعتراف لهم بالفضل وجميل الصنيع، وسؤال الشهادة والرحمة لمن فقدناه منهم، والشفاء العاجل لمصابهم والوقوف مع أسرهم وذويهم مع الدعاء الدائم لهم بالعون والتوفيق.
* تعمل ما استطعت مع الجميع من أجل استتباب الأمن والتصدي لأفكار الفئة الضالة المنحرفة، وتبادر للتبليغ عن كل من يعرف عنه انحراف في التفكير واتباع للمنهج الضال وتأييد لفعل الدواعش والخوارج ومن سلك طريقهم واقتنع بأفكارهم.
* تقي الأولاد - الأبناء والبنات - من مثل هذه الانحرافات الخطيرة، وتراقبهم وتتابع تصرفاتهم وسلوكهم، وتتعرف على أصدقائهم ومن يجالسون وإلى أين يذهبون، وتربطهم بعلماء الأمة الربانيين، وتحذرهم من أدعياء العلم وأنصاف المتعلمين والمتطفلين على موائد العلماء المتصدرين للفتوى وليسوا أهلا لها خصوصاً في الأمور العامة التي تمس الوطن وتضر بقاطنيه والمقيمين فيه، أو النوزال التي حدثت في الأمة بعد أن لم تكن.
* احذر كل الحذر من نسبة هذا الفكر والسلوك إلى منهج الإسلام الصحيح ودعوته الحقة، أو إلصاقه بالمجتمع السعودي الذي يمقت هذا الفكر ويرفض هذا التوجه ويدين هذا السلوك... حفظ الله بلادنا وحمى أوطاننا وأدام عزنا ووقانا جميعاً شر من به شر وشفى ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وأمد في عمره على الطاعة وإلى لقاء والسلام.