** في بدء عمل جمعية ألزهايمر واجهت المعنيين مشكلةُ عرض نماذج من مصابيه ؛ فقد اعتاد الناسُ على إخفاءِ حالات» الخَرَف» لظنِّهم أنها منقصةٌ بحق المريض وعائلته ، ومن وافق على الظهور الإعلاميِّ المحدود فقد اشترط ألا يظهر الاسمُ ولا الصورة ، وكان الشيخ صفوت السقا مساعد أمين رابطة العالم الإسلامي الأسبق - عليه رحمة الله- بين قلائل تحدثوا بشفافيةٍ عن حالاتٍ عايشوها ، وكانت منطلقًا لبرنامجٍ توعويٍّ كبيرٍ تبنته الجمعيةُ ضمن أنشطتها المكثفة لتقديم الإرشاد النفسيِّ والصحيِّ للأسرِالراعية.
** هنا استعادةُ صورةٍ تبدلت ملامحُها بعدما أدرك كثيرون أن المرضَ لم يكن ولن يكون عيبًا أو مثلبةً بل هو كرمٌ من الله تعالى يبتلي به من يحبُّ، ويعي صاحبُكم من تجربته مع « الديسك» - وقد أقعده عن الحركة المعتادة أشهرًا- ما عاشه من طمأنينةٍ وسكينةٍ لم يألفها أيام صحته، وكان نداؤُه لربِّ» السقف» ذا صدىً تجاوز المدى.
** في خاطر كلٍّ منا أسماءٌ ووجوهٌ عرفها أو ألفها فشهد مواقفهم من المرض أو معه ؛ وفيهم الجازع والمتماسك والقويُّ والخائفُ، ومن أقربِ الأمثلة على الصبر والرضا أستاذنا الراحل الدكتور عبدالرحمن العثيمين الذي لم يتبقَّ في جسده خلال سني عمره الأخيرة سوى رأسه ، ولم يُعهدْ- رحمه الله - شاكيًا، ومثله كان أساتيذُنا عبدالرحمن البطحي وصالح المساعد وعبدالرحمن المقيطيب وصديقُنا سليمان الزويِّد وآخرون غفر الله لهم وجزاهم بما صبروا جنةً وحريرا.
** روى أستاذنا الدكتور عبدالله الغذامي لقاءَه القريبَ بطبيب بريطانيٍّ حكى له عن موقفين لاحظهما في بني قومه وبني أبينا؛ ففيما ينتكسُ الأولون حين إخبارهم باكتشاف مرضٍ عضال لديهم يجدُ الأخيرين يتمتمون بكلمات غير مفهومة لديه ويتلقون النبأّ برضًا لا يفهمه،ولم يعدُ الحقيقةَ؛ فالإيمانُ يصنعُ الفارق.
** الغذامي نفسُه أنموذجٌ على الشفافية التامة، وحين شاء صاحبكم نشر مكاتباته معه خلال فترة مرضه وما يمكن قولُه وما يرى حجبَه أكد أنَّ كلَّ شيءٍ متاح؛ فهذه تجربةٌ يجب عرضُها كما هي ليستفيدَ منها الجميع، وكذا صنعت الدكتورة سامية العمودي في مرضيها الأول والأخير والدكتورة فوزية أبو خالد وغيرُهم من الأقوياء المؤمنين، وقال محمد جلال كشك 1929- 1993م - عند اشتداد مرضه - إنه استحى أن يسأل اللهَ عند الكعبة أن يطيل عمره إذ تجاوز حينها عمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؛ أفيطلبُ ما لم ينله النبي ؟!
** الخوفُ من المرض هو المرض، والتعاملُ مع المريض مهمٌ في تعزيزِ روحه وتسريع شفائه بإذن الله، وسَوْقُ التجاربِ الصامدةِ فاعلٌ في رسم صورةٍ لابتلاء الصابر وجزاء الشاكر، وأستاذنا الدكتور عبدالله العثيمين - حفظه الله - مثالٌ حيٌّ على احتمال التعب محتسبًا مستقبلًا محبيه ومفسحًا مجلسه للنقاش العلمي ومشاركًا في المناسبات الثقافية والاجتماعية.
** المرضُ اختبار.