في المجال السياسي للدولة الإسلامية، يندرج تصريح المتحدث الرسمي لحرس الحدود - اللواء - محمد بن سعد الغامدي، بأن: «قرار منح صلاحية إطلاق النار لم يكن متأخراً؛ ولكن رجال حرس الحدود كانوا يتعاملون بإنسانية؛ حتى اتضح الغدر»، في سياق ضمان عدم تأخر النص العقابي
عن مواكبة الأنشطة الإجرامية المتغيرة باستمرار. فما حدث، ويحدث في حق رجال حرس الحدود، والاعتداء عليهم، ممن يريدون محاولة التسلل؛ لممارسة التشغيب، وتخريب الوطن، ومنشآته، والعمل على نشر الفوضى، والقلق في المجتمع، تكيف وفق حالة حرب، وانتهاك لسيادة الإسلام، واعتداء على الأنفس المعصومة. وهي ليست حالة مقبولة في أي تصور إسلامي؛ انطلاقاً من المحور الذي تدور أحكامها حول مقاصد الشرائع السماوية، والتي تسمى بالضرورات الخمس.
إن مواجهة هذه الاعتداءات المتكررة، والتي تمس أمن المجتمع، وسلامته من أعظم الواجبات، بل إن جهاده بمختلف أنواع الجهاد، يعتبر من أنبل المهمات؛ حتى يتمكنوا من ممارسة أعمالهم، وواجباتهم من دون تهديد مباشر، أو غير مباشر؛ ولئلا تتفشى عدواها في المجتمع - مرة أخرى-، باعتبار أن المقاصد الضرورية، هي التي لا بد منها في قيام مصالح الدين، والدنيا، وبدونها يتفشى الظلم، ويعم الاضطراب، والهرج، والقتل في الدنيا. ثم إنه لمن المؤسف حقا، أن نسمع بمثل هذه الجرائم بين وقت، وآخر، مما تهتز له النفوس حزنا، وترتجف له القلوب ألما، دون أن يكون لهؤلاء المجرمين ضميرا، يجعلهم يمتنعون عن ارتكاب هكذا جرائم، - سواء - من منطلق ديني، أو حتى خوفهم من تشريع مدني.
محاولات التسلل بقصد التشغيب المتكرر، والممارسات الآثمة، والمنطلقة من مشاعر تدفع للثأر، والانتقام، يستدعي إدراك طبيعة الأحكام الإسلامية، وما يتعلق بها من حماية جناب الشريعة، وفرض عقوبات على الخارجين عنها من الحدود، والتعزيرات؛ ولأن الشارع الحكيم رتّب على جريمة القتل عقوبة القصاص، بأن يقتل القاتل المتعمد؛ لردع القلة الشاذة عن المنهج القبيح، فإن العقوبات الشرعية المقدرة، تتفاوت من حيث الحق الغالب فيها، فقد يكون الاعتداء فيها على حق الجماعة، وأمر الله، وشرعه - غالبًا - ، ففي هذه الحالة يكون الغالب فيها حق الله - تعالى -، فيجب استيفاؤه، ولا يحل لأحد إسقاطه.
إن حماية الدين، والنفس، والعرض، والعقل، والمال، قوام كل مجتمع إنساني. ومأساة الاعتداء المتكرر على رجال الأمن، تُذكر بأن التهديد واقعي، وأن العدالة ستأخذ مجراها الحقيقي، وهي ماضية في عملها؛ لضمان أمن المجتمع، وسلامته، - خصوصاً - وأن تجريم الاعتداء على رجل حرس الحدود في النظام السعودي، يستند إلى مبدأ أساس قررته الشريعة الإسلامية، وهو مبدأ شرعية العقوبات.