هناك قصص كثيرة عن الشاعر محمد الثبيتي، رحمه الله. قصص يجب أن تكتب من خلال مؤسسة ثقافية تعنى برصد الحكايات المخبأة للمبدعين أمثاله.
جمعتني مع هذا الشاعر الاستثنائي محطات كثيرة، أهمها:
* محطة بغداد 1986م
في هذه المحطة، رأيت شاعراً لا يحب المنصات، الملوثة بالسياسة. كان المفروض أن يصعد على منبر مهرجان المربد، الذي دُعينا اليه في ذلك العام، حين كان العراق يعيش حرباً ضروساً مع جارته إيران، وكان الشعراء، وأولهم الشاعرة الكويتية سعاد الصباح، يتسابقون لمديح صدام حسين.
ببساطة، لم يلقِ محمد الثبيتي قصيدته التي كانت في مديح الرمل.
*محطة 1987م
اتصلت به لكي ننسق كيف نسافر لعمّان لحضور مهرجان جرش، لكنه كان قد اعتذر عن حضوره، واقترحتُ أن ألقي قصيدته نيابة عنه. وكانت اللجنة قد جدولت أمسيته مع الشعراء عبدالوهاب البياتي وبلند الحيدري وخديجة العمري ومحمد جبر الحربي، ولقد حظيت قصيدته تغريبة القوافل والمطر بدهشة الجميع:
شدنا في ساعديك واحفظ العمر لديك
هَبْ لنا نور الضحى وأعرنا مقلتيكْ
واطو أحلام الثرى تحت أقدام السُّليكْ
نارك الملقاة في صحونا, حنّت إليك
ودمانا مذ جرت كوثرًا من كاحليك
لم تهن يومًا وما قبّلت إلا يديك
سلامٌ عليكَ سلام عليكْ
* محطة 15 يناير 2011م
لم تسعفه السيارة، لم تصل إليه، لكي تنقذ قلبه الذي توقف عن العمل.
الطرقات المزدحمة، المسعفون المرتبكون، المستشفيات المكتظة، كلها ودعته وهو يتمتم بقصيدة أخيرة، لن نسمعها أبداً.