قال لي: لماذا تصر المرأة على تعريض نفسها لما يدور في أوساط الذكور من تلوث في الأفكار والإنفعالات والتحرش؟
أليس الأجدر بها أن تبقى في أمان منزلها وتعتني بأطفالها؟
ألا ترين في حضها على العمل وفتح أبواب المهن، وتسهيل خروجها من المنزل مخططاً تغريبياً تخريبياً ضد الفطرة السليمة.. عدائياً يترصدنا ويسعى إلى القضاء على مجتمعنا وديننا؟
قلت باختصار: هذا تأطير سلبي يؤطرنا عاجزين عن اختيار المعادلة السليمة لمجتمعنا تسمح بتطويره وليس بتدميره كما تتخوف.
قال: لم لا تعمل فقط عن بعد؟ أو تقررون لها راتباً وهي في المنزل كراتب لها عن جهودها؟
قلت: وما زلت أقول ما يكرره الواعون والواعيات من قادة الرأي: ليس في مطالبة المرأة بالحضور الفاعل في المجتمع مؤامرة تغريبية بقدر ما هو - حين يذكر الآخرون أوضاعنا بحيادية أو تحيز أو حتى تعاطف مع المرأة - تسجيل لما يرون من ظواهر المجتمع التي يختلف فيها عن غيره من المجتمعات البشرية بكل مستويات تقدمها سواء هي مجتمعات غربية أو شرقية أو أفريقية. ولا شك أن تكريم المرأة لا يتماشى مع الحجر على فكرة مشاركتها بصورة كاملة.
العمل عن بعد ليس مقصوراً كمقترح للمرأة فقط لإبقائها في المنزل. وهو خيار لا يصلح لكل التخصصات ولا لكل الأفراد.
أما التحرش فليس علاجه أن نحجر على الضحية بل أن نحاسب المتعدي على غيره. والمتحرش بهم ليسوا نساء فقط ولا يحدث في مواقع العمل فقط ولا حتى في الشارع فقط. هناك من يعتدى على الأطفال في المدارس, وعلى غرباء في الشوارع، وعلى محارمه في المنازل. ولذلك لابد من تجريم التحرش.. لا تقبله وكأنه المتوقع الطبيعي.
وأما حماية الأطفال فحلها ليس في راتب للأم بل في توفير حضانة ورعاية مواطنات مدربات..
ثم قلت: دع عنك الدوران حول أسئلة المرأة ومخاوف حضورها وضرورة تغييبها عن الحيز العام.. واسألني عن قضية الساعة؛ عن الإرهاب المستشري بهدف تقويض الأنظمة.
في زمننا المتأزم محلياً هل الأهم أن نركز الإهتمام على تغييب المرأة أم على محاربة الإرهاب؟ الإرهاب الفكري والإرهاب السياسي والإرهاب الدموي؟
في هذا السياق يطرح الواعون السؤال المحوري: من المسؤول عن غياب المرأة أو تغييبها عن المشاركة الفاعلة في المجتمع؟
وفي ساحة الإرهاب هذا لا الذكورة ولا الأنوثة تعني الكفاءة العقلية أو التوازن العاطفي. بل ارتبطت رغبة الهيمنة بتعريف القوة في أذهان البعض بتميز التسلط على الأضعف.
فدع عنك إعلامياً محاولة لفت الأنظار والتفكير عن محاولات الهيمنة إلى تقديم مقترحات تركز على تغييب المرأة بتبرير حمايتها من الرجل..
تلك مقترحات لا أوافق عليها ولا تستتر عني الأهداف المسيسة وراء تقديمها.
أما همي الأكبر فهو الأمن والإستقرار واستدامة النماء بتفعيل كل طاقاتنا رجالاً ونساء في كل مجال ممكن.