تابعت مثل غيري من المواطنين خبر حضور معالي وزير الإسكان لجلسة خاصة بالإسكان بمجلس الشورى منذ نشر خبرها الأول، وأكبرت بالوزير تركه علنية الجلسة لقرار المجلس كما نشر بالصحف، واتضح لي مما قرأته بجميع الصحف بعد الجلسة على مساحة عشرات الصفحات أن الوزير مستعد لهذه الجلسة بكل ما أوتي من حصافة وقدرة، منها قوله للمجلس إنني واحد منكم وأعرفكم تماماً لأنني عضو سابق بهذا المجلس، وأحمل له أجمل الذكريات، وإثباته بفيلم لعرض أحد منجزات تسليم وحدات إسكانية وهو يقبِّل رأس المواطن المستلم.
وإنني كمواطن أريد من أي وزير يقدم خدمة للمواطنين أن يكون على قدر كبير من الحصافة والمقدرة والذكاء فهذه ميزة إضافية وليست نقصاً.
وبقراءتي لما نشر بالصحف عن جلسة السؤال والجواب، فقد أعجبت بكثير من الحوارات والنقاشات ولم يعجبني القليل، وسأتطرق باختصار هنا لهذا وذاك.
لم يعجبني قول معاليه إن وزارته تنسق يومياً مع «العدل» للحصول على نسبة من صكوك الأراضي الملغاة في المدن الكبرى لسد عجز الأراضي في مشاريع الإسكان، لأن هذا ضرب على وتر حساس يعجب المواطن، ولكنه قد لا يتحقق، والوزارة أساساً بغنى عنه، ولديها بأفكار من «خارج الصندوق» عشرات بل مئات الحلول لمشكلة الأراضي إن كان هناك من مشكلة، وأشك شخصياً بذلك لأسباب ستأتي فيما بعد.
وأعجبني قوله معاليه (نتجه لدفع المبالغ المرصودة للدعم السكني كمرابحة مع المصارف مقابل تقديمها قروضاً حسنة للمواطن أضعاف ما نستطيع تقديمه). وأتعجب من وزارة الإسكان التأخر في التوجه وكان من المفترض اعتماده منذ صدور الأمر الملكي رقم: (20562) وتاريخ 2-6-1434هـ الذي قضى بتوقف وزارة الإسكان عن بناء الوحدات السكنية، ونقل المسؤولية عن جميع الأراضي الحكومية المعدة للسكن لوزارة الإسكان لتتولى تخطيطها وتنفيذ البنى التحتية لها، ولتقوم الوزارة بإعطائها للمواطنين مع قروض سكنية للبناء عليها حسب آلية الاستحقاق والأولوية.
وهذا يدل على أن هناك تأخرا مدته سنتان باتخاذ مثل هذا التوجه، وأرجو ألا يكون المقصود منه دغدغة مشاعر المواطنين وممثليهم تحت القبة، وإلا فهذا القرار يمكن الوصول له بيسر وسهولة عن طريق التعاون مع وزارة المالية ومؤسسة النقد العربي السعودي، وهما (أبخص) بأمور البنوك وما يمكن أخذه منها، وإلا فكيف يتم حديثاً فرض نسبة الـ30% على المواطن الذي يطلب قرضاً بنكياً وهو يسعى لبناء مسكنه؟؟ وأتمنى منكم يا أصحاب المعالي في هذه الجهات الثلاث حل هاتين المسألتين والتيسير على المواطن وليس التعسير عليه (إن مع العسر يسرا) صدق الله العظيم.
ولم يعجبني قوله: (نسعى لتأهيل شركات الإنشاء والمقاولين لنيل ثقة المواطن)، فما هي الشركات التي أهلت وكيف؟ وهل تم الربط بينها وبين المواطنين الراغبين بالبناء؟ والكبوة هنا أن شركات الإنشاء والمقاولين لن تستطيع أبداً القيام بهذا الدور، فهذا دور المطورين العقاريين الذين يملكون الأرض ويملكون أو يتعاونون مع شركات البناء والإعمار، ويقدمون الخدمة للمواطن ومن الواضح جداً أنكم تهملون المطورين العقاريين، وتخشون منافستهم!!، وأوجّه سؤالا: من الذي بنى دبي، ومن الذي بنى تركيا عقارياً الآن؟ ناهيك عن التجربة التركية بمشاركة البلديات مع المطورين العقاريين، فالبلديات منها الأرض، والمطور يتولى الباقي والربح المادي، بل الملكية بينهما مشتركة والمواطن في النهاية هو المستفيد الأول والأخير، بسرعة الإنجاز وجودته ومعقولية السعر. والأمر من بعد لا يحتاج إلى اختراع عجلة، فهذه دولة البحرين المجاورة على قلة إمكانياتها المادية، إلا أنها تبني آلاف المساكن سنوياً وهذه مصرنا العزيزة يبنى فيها ملايين الوحدات السكنية من قبل دولة الإمارات خلال سنتين فقط خلال ما تبنيه وزارة الإسكان والتجمعات العمرانية هناك من مئات آلاف الوحدات السكنية سنوياً.
وأعجبني قول معالي الوزير «إن الوزارة طلبت من شركة الكهرباء إحصائية لعدادات الكهرباء المعتمدة في أعوام 2011، 2012، 2013، فوجدنا أن الثلاثة أعوام الأولى شهدت إيصال التيار لـ1.422.000 مليون وأربعمائة واثنين وعشرين ألف وحدة سكنية»، فإذا كان ذلك كذلك معالي الوزير «وكان المواطنون والشركات العقارية المطورة، نفذوا هذا العدد في 3 سنوات وهو ما يعادل 3 أضعاف ما طلبه ورصده لوزارتكم والد الجميع خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله وأطال عمره وألبسه لباس الصحة والعافية-»، أفلا يدل ذلك على تعثر الوزارة بشكل مريع؟ ولماذا لم تتبع الوزارة الأسلوب نفسه بشيء من الإشراف والتنسيق والدعم للوصول لمثل هذه النتيجة؟ بل يمكنها الوصول للأفضل منها؟ ولماذا اتباع أسلوب من أين أذنك يا جحا ما دام الوصول للهدف بأسرع وقت يمكن تحقيقه بأسلوب يختلف عن الأسلوب المتبع للوزارة؟.. وأخيراً فلم يعجبني رد معالي الوزير على العضو دكتور السلطان الذي قال إن الوزارة تعاقدت مع مكتب استشاري «شركة بارسون» وأعطته 15% من قيمة المشروع وبلغت ملياراً ونصف المليار ريال، حيث جاء رد معالي الوزير أن دعا أعضاء الشورى إلى زيارة ميدانية واستعداده للجلوس معهم في أرض المشروع «ونفرش عقودنا معكم»؟ ومع أن أعضاء مجلس الشورى المحترمين هم بالفعل ممثلون لنا كمواطنين، إلا أنني كنت أتمنى على معاليكم الرد على هذه المعلومة المتداولة بكل صراحة ووضوح تحت القبة نفسها وبالوقت نفسه، لإزالة كل لبس بهذا الموضوع وغيره من الموضوعات، ومع ذلك فإني أرجو من أعضاء المجلس الكرام أن يلبّوا دعوة معالي الوزير لاستكمال ومناقشة هذه النقطة، وغيرها من الموضوعات المثارة باللقاء.
وأختم بثقتي وتقديري وإعجابي بمقدرة معاليكم وثقتكم بما تعملون وتؤدون من جهود حتى أنكم لم تعترفوا بأي ثغرات أو قصور في وزارتكم، فإذا كان هناك قصور فهو من أو بأسباب جهات خارجة عن سلطة الوزارة، مع حبي وتقديري وإعجابي ودعائي بالتوفيق لكم ولزملائكم الذين كنت أتمنى ذكر أسمائهم وجهودهم.