أصبتُ بالذهول عندما علمت أن الكاتبة السعودية الشابة (اعتدال السباعي) أمضت نحو (14 عاماً) في تأليف كتابها (عطر قديم في كتاب الحياة) الذي تم تدشينه مؤخراً، في حفل نظمته (جمعية الثقافة والفنون) بجده!.
نحن نعيش عصر (السرعة) و(التيك أوي)، ولكن احترام الكلمة، ومسؤولية التأليف، جعلت واحدة من (بنات البلد) تحرص على اكتمال الفكرة، ونضوجها طول هذه السنين الطويلة، لتُقدم (مُنتجاً) تُفاخر به، وتتطلع أن يكون مُكتملاً، وخالياً من الأخطاء والعيوب، والنقص الذي يشوب الكثير من مؤلفات (الكلمة السريعة)!.
الكاتبة صُدمت - مثلنا تماماً - عندما علمت أنها استغرقت كل (هذه السنين) في التصحيح والمُراجعة، والإضافة، والتغيير، ولكن (أمانة الكلمة) كما تقول (تطلبت منها أن تكون مسؤولة أمام الله أولاً، ثم أمام القارئ) عمّا تُقدم !.
مثل هذه النماذج والتجارب السعودية النسائية، تستحق أن تُصدّر، ويُكتب عنها، وتُعطى مكانة (لائقة) في المجتمع، لأنها (تجارب فريدة) لنساء سعوديات، لهنّ رؤية عجز عن بلوغها الكثير من (المؤلفين الرجال)، الذين تسابقوا لتزيين (سيرهم الذاتية) بمؤلفات النتاج الفني والثقافي والأدبي، طمعاً في مكانة اجتماعية (مُزيفة)، بحبر على ورق، لُيقال من مؤلفاته (كذا.. وكذا)، وهذا في الحقيقة (سباق) ينخر في مجتمعنا، خصوصاً بين أوساط المثقفين، والمُثقفين - من أصحاب المال والمؤلفات - في مضمار تجميع الصفحات بين (مُجلدين) !.
تشعر بالغثيان، عندما تُقابل شخصاً لا يملك (تفكيراً عميقاً ) ولكنه يملك المال، (ثقافته ضئيلة) مُتدنية، بالكاد (يفُك الخط) لعدم إكماله الدراسة قبل دخول التجارة، ولكنه يُفاجئك عندما يطلب من (سكرتيره) إحضار (حقيبة مؤلفاته)، ليُهديك (رؤيته، وتحقيقاته، ومؤلفاته) في مسائل الأمة؟!.
المال قد يجلب بالفعل (مؤلفين من الباطن)، على طريقة (مقاولي الباطن)، ولكنه لن يمنح (الثقافة والمعرفة) التي ستُفضح مع أول حديث (لتجار التأليف)!.
أرحمونا من (شراء المؤلفات)، وتفرغوا لأعمالكم ومقاولاتكم، فكل مُيسر لما خُلق له !.
وعلى دروب الخير نلتقي.