نبارك لأصحاب المعالي الوزراء الجدد وندعو لهم بالتوفيق. لن نثقل عليهم بالنقد والملاحظات وهم ما زالوا في مرحلة التعرف والدراسة لأحوال الوزارات التي يديرونها، لكن نطرح عليهم بعض المقترحات/ الأفكار المتواضعة هنا أو هناك. أود في هذا المقال أن أطرح فكرة التشغيل الذاتي لمراكز التأهيل لوزارة الشؤون الاجتماعية، ولكن قبل ذلك هنا بعض التعليقات العامة حول وزارة الشؤون الاجتماعية.
بدايةً، لقد أزعجتني بعض العناوين الإعلامية التي أشارت إليها بأنها وزارة المساكين أو المحتاجين؛ لأن هذا اختزال لوظائف أشمل، تقوم بها الوزارة في الفعل الاجتماعي. العمل الاجتماعي ليس مجرد ضمان اجتماعي أو صدقات للمحتاجين، بل هو أشمل من ذلك بكثير. ولو كان الأمر مجرد العناية بالمعوزين أو المحتاجين بالمعنى المتداول لكنا جعلناها جمعية خيرية للضمان الاجتماعي وكفى.
لا أحصر مهام الوزارة، ولكن بصفة عامة هي معنية بالضمان الاجتماعي، والإشراف على الجمعيات الخيرية، والإشراف والتحفيز للعمل التعاوني والتنمية المحلية الاجتماعية، والعناية بذوي الاحتياجات الخاصة، سواء عبر الجمعيات المختلفة أو عبر مراكز التأهيل الشامل التي تديرها وترعاها.
يبدو أن الوزارة تقوم بجهود جيدة في مجال الضمان الاجتماعي. وفي مجال العمل التعاوني والتنمية المحلية والعمل الخيري هي تقوم بالحد الأدنى المتمثل في التصريح والإشراف الإداري على مختلف الجمعيات في هذا المجال، لكنها لا تبذل جهداً أكبر في التحفيز والتطوير والارتقاء بأعمال تلك الجمعيات واللجان.
عبر سنوات لم نجد أفكاراً خلاقة ومختلفة لإدارة تلك الجمعيات عبر نماذج متطورة.
عندما نقارن أعمال وميزانيات جمعياتنا الخيرية أو المحلية أو التعاونية نجد إنجازاتها وميزانياتها متواضعة جداً مقارنة بمثيلاتها العالمية. نسمع عن جمعيات عالمية مماثلة ميزانياتها مئات الملايين بينما جمعياتنا أغلبها لا تتجاوز ميزانيتها مئات الألوف أو بضعة ملايين فقط. الخلاصة هنا هي أن الوزارة بحاجة إلى فكر جديد، يكسر النمط البيروقراطي الذي تتعامل به في هذا المجال، فكر يستطيع نقل التجارب العالمية الناجحة إلى الواقع المحلي بطريقة فعالة ومقنعة.
الفكرة التي هي صلب المقال تتعلق بمراكز التأهيل الشامل، وما في حكمها. منذ سنوات طويلة وتلك المراكز تعاني صعوبات، مشاكلها تتكرر، ولم يحدث بها تطور ملحوظ على مستوى جودة الأداء والمخرجات. لا نتحدث عن المباني والميزانيات. وهنا أقترح على معالي الوزير الجديد - وهو رجل اقتصاد تنفيذي بالدرجة الأولى - أن يعيد صياغة تشغيل تلك المراكز ليكون عبر برنامج أو برامج تشغيل ذاتية مستقلة. وأقرب نموذج لذلك هو برامج التشغيل الذاتي للمستشفيات الكبرى كمدينة الملك فهد الطبية والتخصصي والحرس وغيرها، التي تدار عن طريق إدارات تنفيذية متمكنة، ولها صلاحيات مستقلة ومرونة تتيح لها تأسيس برامج توظيف مستقلة تتبع نظام التأمينات الاجتماعية وليس الخدمة المدنية. برامج التشغيل الذاتي تتيح المرونة في استقطاب الكفاءات المميزة للعمل بتلك المراكز وفي الأمور الإدارية التنفيذية للمسؤولين عنها، وتسهل عملية الرقابة والمتابعة لأدائها.
أقترح على معالي الوزير وفريقه الموقر الاستعانة بخبرات الجهات المتقدمة في مجال التشغيل الذاتي وتملك مراكز تأهيل متميزة. والأهم من ذلك استقطاب كفاءات متخصصة وذات خبرة بالتطورات الحديثة في هذا المجال؛ لأن هناك تطورات علمية وإدارية وفكرية عديدة في هذا المجال، لا يستطيع أن يلم بها من تخرج قبل عقود من الزمان وخبراته مجرد تراكم سنوات من العمل الحكومي البيروقراطي.
أكرر تهنئتي لمعالي الدكتور سليمان الحميد، وأتمنى له التوفيق والعون في مهامه الجديدة.