سررت كغيري كثيراً حينما اطلعنا الأسبوع الماضي على إعلانات لوزارة التجارة خاصة بالتشهير بمتسترين مخالفين لأنظمة مكافحة التستر، ارتكبوا جريمة التستر؛ وتم تطبيق الأنظمة بحقهم، ومنها عقوبة السجن، التي تصل لمدة سنتين، وغرامة مالية بقيمة مليون ريال للمخالف الواحد، والتشهير بأسماء المخالفين على نفقتهم، كذلك إغلاق النشاط وشطب السجل التجاري، وإبعاد غير السعوديين عن المملكة. هذه الخطوة انتظرناها طويلاً، وتحققت - ولله الحمد - بعد تفشي ظاهرة التستر بشكل كبير، وتضرر منها الوطن والمواطن والاقتصاد الوطني بشكل كبير.
وزارة التجارة قامت بتنفيذ القرارات السامية التي أصدرها مجلس الوزراء الموقر العام الماضي للقضاء على ظاهرة التستر، التي أرهقت اقتصادنا، واستفاد منها الأجنبي قبل ابن الوطن. وننتظر كذلك قيام وزارة الشؤون الاجتماعية بدراسة إنشاء الجمعيات التعاونية الاستهلاكية وتوسيعها، التي سوف تحد من انتشار التستر. وكذلك ما سوف يدعم مكافحة التستر وبقوة قيام وزارتي الداخلية والعمل بالاستمرار في سعودة الأنشطة التجارية والمهن التي يُرى أنها ذات مردود مادي جيد ومحل إقبال من المواطنين.
أكاد أجزم بأننا بدأنا حقاً في علاج ظاهرة التستر التي أرهقت اقتصادنا الوطني من خلال التحويلات الكبيرة التي يقوم بها عدد كبير من الوافدين، وبأرقام كبيرة، تؤكد أن مصدر دخلهم ليس الراتب فقط، بل ممارستهم الأعمال التجارية بطرق غير نظامية لحسابهم الخاص، وبتسهيل ودعم من مواطنين (يتسترون عليهم). وما يؤكد ذلك هو التحذيرات التي أطلقتها وزارة التجارة والصناعة لعموم الشركات والمؤسسات والأفراد من التعاون مع المخالفين للأنظمة في المملكة، وهو ما يعرضهم للمساءلة القانونية والعقوبات النظامية. وتهدف الوزارة من وراء ذلك إلى الحد من ظاهرة التستر التجاري، وإيجاد بيئة تجارية نظامية وخالية من المخالفات، وتمكين المواطنين من العمل التجاري.
وطني يحتاج الآن بشكل جدي منا جميعاً إلى وعي وحس عال بخطر التستر، وأن ندرك أن مساعدتنا للمتسترين تخالف الدين، وتضر بالوطن وأبناء الوطن. فالمتستَّر عليه لا يهمه نوع العمل الذي يقوم به طالما أنه يحقق دخلاً ومكاسب مادية كبيرة دون الاهتمام بمصلحة المواطن أو الوطن. فالقضاء على التستر يتطلب تضافر جهود كبيرة من قِبل المواطنين وأصحاب العمل والجهات الحكومية ذات العلاقة. فالمواطن الذي يتستر على آخرين هو الحل الأول؛ فمتى توقف عن ذلك فسوف تنتهي المشكلة تماماً. وعلينا أن ننشر ثقافة التبليغ بيننا عند اكتشاف أي حالة تستر، والإبلاغ عنها للجهات المعنية.