عندما تحل ذكرى اليوم الوطني للمملكة، فإن الذي ينبغي أن يتبادر إلى أذهان جميع المواطنين، ذلكم الجهاد العظيم الذي قاده مؤسس المملكة، وموحدها الإمام المجاهد عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل، وجنوده الأشاوس، وما بذلوه من الغالي والنفيس؛ لتوحيد هذا الكيان الشامخ، وتأسيس مملكة قوية قادرة على حماية الأماكن المقدسة، ومواضع الثروات.
وبعد استحْضار ذلك يجب الاقتداء بالملك المؤسس في بذل الجهد، والاجتهاد في التشييد والبناء والإعمار، والمحافظة على المكتسبات.
فالوطنية ليست كلمات عابرة، وشعارات فارغة، بل الوطنية سلوك دائم، وعمل متواصل لإعلاء كلمة الله، ورفعة شأن بلاد الحرمين الشريفين بين العالمين.
فليست الوطنية أن أرفع علم المملكة، وأدور به في الشوارع بالسيارات، وأخالف أنظمة المرور من السرعة، والتفحيط، وعكس السير، وقطع الإشارات المرورية، وبعد ذلك رمي تلك الأعلام في الشوارع والأزقة. بل وإيذاء المارة والضعفاء والمساكين وارتكاب سلوكيات تدل على كره الوطن، لا على حبه وتقديره.
ومن أعجب مفاهيم الوطنية، والاحتفال باليوم الوطني، ما ابتدعته شركة الخطوط السعودية من إعلانها أنها تقدم خصماً يصل إلى 25% على الرحلات الدولية، مشاركة منها في الاحتفال باليوم الوطني؟!
ولم أفهم المغزى، ولا الحكمة من هذه المشاركة السخية من الخطوط السعودية بمناسبة اليوم الوطني، فهل الاحتفال بهذا اليوم يكون بتشجيع المواطنين على الخروج من الوطن في يوم احتفاله ؟ قد تكون الحكمة أن يحتفل الناس بيوم وطنهم في غير وطنهم، ويرفعوا أعلامه؛ ليخبروا الدول الأخرى أن هذا اليوم هو اليوم الوطني في البلاد التي خرج منها مواطنوها في ذلك اليوم من ذلك الوطن.
هل فهمتم شيئاً، أيها القراء الأعزاء؟!
إذا كانت الخطوط السعودية التي أصبحت خدماتها في المستوى الذي يعرفه كل مسافر عليها، تريد المشاركة والمساهمة الحقيقية في الاحتفال باليوم الوطني، فقد كان الأليق والأنسب بالمناسبة أن يكون التخفيض على الرحلات الداخلية، وتشجيع المواطن على السياحة الداخلية، ليتعرف على ربوع وطنه، ويستكشف منه ما كان يجهله من المعالم والآثار التي يزخر بها وطننا الحبيب، ولكي تبقى تلك الأموال الطائلة التي تنفق في الخارج، داخل الوطن، ولتدور عجلة الاقتصاد في عدة مجالات، أما أن يكون الاحتفال بتشجيع المحتفلين على الخروج من موطن الاحتفال، فهذا تشجيع عجاب.. والله من وراء القصد.