عندما يطالب - الدكتور - أحمد الطيب - شيخ الأزهر - المرجعيات الشيعية في العراق، وإيران، خلال لقائه - قبل أيام - محمد محموديان - السفير الإيراني بالقاهرة -، بإصدار فتاوى صريحة، تحرم بشكل قاطع سب الصحابة، وأمهات المؤمنين، ورموز أهل السنة، فهو يريد قطع دابر التطرف المذهبي، الذي تجسد في شتم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمهات المؤمنين، مع أن علماء الإسلام أجمعوا على: أن الصحابة عدول، لايجوز للمسلم أن ينتقصهم، بل يذكر محاسنهم، ويعرض عما شجر بينهم.
إن إطفاء فتيل الصراع المذهبي، وتخطئة الآخر المختلف فيه إلى حد تكفيره، تحتاج إلى علماء عدول، متصفين بالعلم، والعدل ؛ ليضعوا هذه المسألة على مشرحة التحليل، والبحث الموضوعي، والمنهج العلمي، والحس النقدي، - وبالتالي - سيتمكنون من الرد ضد من يحاول إظهار مثالب الصحابة بأسلوب يعتمد على التدليس، والكذب، وقلب معاني روايات المحاسن، والمناقب، والفضائل إلى مطاعن فيهم، والاعتماد على روايات موضوعة، ومنكرة؛ من أجل التدليس، وتكريس الجهل.
من الناحية التاريخية، فإن ظاهرة سب الصحابة لم تكن وليدة اليوم، ولا الأمس القريب، وإنما ظهرت منذ انتصار الإسلام، ومناصرتهم للنبي العظيم - صلى الله عليه وسلم. - وعليه - فإن الاستمرار في منهج الشتم، والسب، سيؤدي إلى إنعاش حركات التطرف هنا، وهناك. وعندما يتحرر العقل من التعصب، فسيحصل له من السعة في الأفق، والبعد في النظر، والحرية في التفكير، ما يجعله معترضا على ما يضاد الفطرة السليمة، والمنطق الصحيح، بأن الصحابة هم حملة الدين، وحراس العقيدة، والطعن فيهم - هو في حقيقة الأمر - طعن في الدين.
هناك من يأتي سبه للصحابة ؛ بسبب أمور دينية، أو أمور دنيوية، وقد يأتي السب لمجموعهم، أو أكثرهم، أو لبعضهم؛ حتى وإن تواترت النصوص الشرعية بفضلهم، مع أن منهجا كهذا يكذب صريح القرآن، دلالة من الرضا عنهم، والثناء عليهم. وهو - أيضا - إيذاء لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأنه هو المربي لهم، وقد رجح علماء هذه الأمة تكفير من سب صحابيا، تواترت النصوص بفضله من جهة دينه، أما من لم تتواتر النصوص بفضله، فقول جمهور العلماء بعدم كفر من سبه، وذلك لعدم إنكاره معلوما من الدين بالضرورة، إلا أن يسبه من حيث الصحبة، وقد قال - الإمام - محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -: « وإن كان ممن لم يتواتر النقل بفضله، وكماله، فالظاهر أن سابه فاسق، إلا أن يسبه من حيث صحبته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه يكفر، أما سب بعضهم سبا لا يطعن في دينهم، وعدالتهم، - فلا شك - أن فاعل ذلك يستحق التعزير، والتأديب».