في الوقت الذي انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتناقلته الصحف فيما بعد، مشهد الشاب الذي يدهس كلباً مراراً، وبشكل يتلذّذ بتعذيبه وهسيسه المؤلم، نشرت الوكالات عن إنفاق البريطانيين خلال العام الماضي، بالذات ملاَّك الحيوانات المدلّلة، وعددهم 26 مليوناً، ما يقارب 90 مليار ريال، بشكل يدعو للتساؤل، ما الأمر؟ ألسنا نحن المسلمين أولى برعاية الحيوانات والاهتمام بها؟ ألم يكن رسولنا صلى الله عليه وسلم يحثنا على ذلك، في حديث الرجل الذي اشتد به العطش، فنزل بئراً، وشرب، وحين خرج وجد كلباً يلهث من شدة العطش، فملأ خفه، وسقاه، فغفر الله له، وفيه قال المصطفى لصحابته «في كل كبد رطبة أجر»؟
نحن لا نحلم ولا نتوقّع أن نصل إلى مستوى الإنجليز، بحيث نذهب بكلابنا وقططنا إلى العيادات الطبية، وإلى المستشفيات، ونبكي حين نفتقد قطةً أو كلباً، ولكن على الأقل أن (نفكّها من شرّنا) وهذا القتل المخيف، الذي يتم تصويره (ببجاحة) وبشكل علني، في تحدٍ وصفاقة يندر وجودها، وبوحشية تؤذي فطرة الإنسان التي خلقه الله عليها، وجبله على الرحمة والعطف على الكائنات الضعيفة!
لم يكن هذا الكلب المدهوس آخر ضحايا القتلة، وإنما كان هناك كلب آخر، تم ربطه بسيارة وتعذيبه، وثعلب أُشعلت النار بجسده، وحصان قُتل بالرصاص، بطلقات متعددة، وفي مواقع غير قاتلة، بنيةٍ وقصد يهدف إلى قتله ببطء، إمعاناً في تعذيبه، فلماذا يمارس هؤلاء القتلة هذا النوع من التعذيب الوحشي، والقتل البطيء؟
لماذا لا يتم التشهير بهؤلاء القتلة عند القبض عليهم؟ لماذا لا تتم محاكمتهم بشكل علني؟ ولماذا لا توقع عليهم أقصى العقوبات، حتى يتوقف هذا العنف؟ بل لماذا لا يتم إعادة تأهيل أطفالنا وتربيتهم، بطريقة تحمي الحيوانات وترعاها؟ فكما يدرك معظمنا أن كثيراً من الأطفال والصبيان، يتلذّذون بتعذيب الحيوانات، ويقومون برجمها أينما وجدوها، وكأنما هؤلاء الصغار يتعرضون للعنف الجسدي، مما يجعلهم على استعداد لتفريغ هذا القمع، على حيوان ضال ومشرّد.
نحن للآسف لا نعزّز القيم الإيجابية، والسلوك الإيجابي، لدى أطفالنا، سواء في التربية بالمنزل والمدرسة، أو من خلال المقررات المدرسية في التعليم العام، وذلك بالحث على رعاية الحيوانات وحمايتها من الأذى، وخصوصاً أننا جئنا من دين إسلامي يعتبر إماطة الأذى عن الطريق صدقة، فكيف بكف الأذى عن أرواح الكائنات وأجسادها!