لك أن تضحك بملء شدقيك على الصناديق (العائلية) التي يتفق عليها (الجماعة) لسد حاجات أفرادها، سواء في (الدية) أو في (إعانات الزواج ونحوها)، يخالجك الضحك كثيراً على سيناريوهات (خلافات) لا تخطر على بالك، خلافات (شيطانية) بين أبناء العم والأقارب، هذا ينشق بصندوق مستقل، وذاك يطعن في الصندوق، والآخر يهجر صندوق العائلة، والبعض يدبر مكائد ناعمة.
ينشأ الصندوق العائلي -في البداية- بقيم نبيلة، ويصادق عليه الكل، ويؤكده وجوده الجميع، ويصبح ميزة للقبيلة بصيغته الطبيعية، وهو كذلك فعلاً، ولكنه -ما يلبث- أن (يفسد) حينما يأتي من يفسده لمصالح خاصة، أو لمصالح دنيوية، أو لحسد وحقد أو لأن البعض يفرح للفرقة والشتات.
الصناديق العائلية تمثل في فكرتها الأصلية، مبدأ أصيلاً في ديننا وهو (التعاون على البر والتقوى)، ولكنها تتحول -بسبب أغراض دنيوية- إلى (تعاون على الإثم والعدوان) عندما يهجر الأخ أخاه بسببه، أو يطعن البعض في بعض أقربائهم بدون دليل ولا هدى ولا كتاب منير، أو يتحول إلى (صيحة) جاهلية، تؤلب بعضهم على بعضهم، أو تفرق (الجماعة) إلى مخيمات صغيرة تتناطح فيما بينها.
يصبح الصندوق العائلي (شراً محضاً) عندما يتحول إلى (صراع كراسي) وعندما يصبح (رمزاً) للبحث عن الأنا المتضخمة، وعندما يتفرق الناس بسببه، فإذا لم يكن الصندوق رمزاً يجمع ويدعم ويساند بعيداً عن أي سلوك تحريضي، فإنه مرحب به وإلا يكون عاراً على أهله.
لا يمكن أن تصف صراعات (الصناديق العائلية) إلا بالنكتة، لا يمكن أن تقول عنها (أزمة) مثلاً، لأنها خلافاتها تتحرك بناء على (توافه) الأمور، وليست أزمة فكر أو أزمة شراكة، أو مجموعة تحديات، فالأقرب لها أن توصف بـ (يامن شرى له من حلاله عله).
سنحترم الصناديق العائلية، عندما تعمل للغرض الذي أنشئت من أجله، سندعمها عندما تكون سمة من سمات (البر والحب والسلام) مثلما يحصل في بعض الصناديق العائلية، وسنرفض أي نوع من أنواع الصناديق التي تؤلب أبناء العم على بعض، أو يعالج بها البعض عقدهم النفسية في حب السلطة أو تكون سبباً للفرقة والشتات.