دعواتنا ودعوات المسلمين والعرب وكل من يحب الخير والخيرين في العالم لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بالشفاء العاجل من الوعكة الصحية التي ألمت به؛ وقد انطلقت كلمات المحبة وابتهالات الدعوات عبر وسائط التواصل الاجتماعي بعفوية جميلة منذ أن شاع خبر تعرضه -حفظه الله وشفاه- لالتهاب رئوي بسبب برودة الجو هذه الأيام، وما تدفق هذه المشاعر إلا تعبير عن الحب الكبير الذي يكنه أبناء هذا الوطن لقائدهم ومليكهم ويكنه أيضا المسلمون والعرب والعالم وتبين ذلك فيما حفلت به وسائل الإعلام العربية والعالمية من مقالات وتحليلات تبحث في شخصية الملك عبد الله الفذة وأعماله الكبيرة والقضايا التي خاضها في سبيل وطنه وأمتيه العربية والإسلامية.
وخير ما يدلل على المنزلة الكبيرة التي يستحقها بجدارة خادم الحرمين الشريفين حصوله على لقب «حكيم العرب» في آخر استفتاء أجرته منظمة الشعوب والبرلمانات العربية ووزع في القاهرة قبل أيام وشارك فيه نصف مليون عربي، وقد أجمع المستفتون على أن رؤية الملك عبد الله لمواجهة ما تعيشه الأمة العربية من أوضاع سياسية سيئة ومبادراته المتعددة الشجاعة لإخراج الأمة العربية من نفق الفوضى والثورات العبثية والانسياق خلف ما تحيكه الجماعات المؤدلجة ومن يعينها من جهات غربية لتفتيت الوطن العربي قد أنقذت بلداناً عديدة من أن تسقط في شباك الفوضى بعد أن أوشكت أو كادت أن يضيعها ما سمي بالربيع العربي.
ولو تأملنا في إنجازات الملك الكبيرة على المستويين الوطني والعربي لوجدناه قائد الوطن الجريء الشجاع وحكيم العرب المقدام الذي لا يهاب خوض المواجهات المحفوفة بالمخاطر في سبيل إنقاذ أمته.
فالحكمة على المستوى المحلي تتمثل في إنقاذه البلاد من خطر فكر التطرف والغلو؛ فقد واجه برؤية إسلامية مستنيرة واثقة عبث الفكر الإرهابي وتخريفاته ونواياه السيئة؛ فأحبطها مبكراً بملاحقة الإرهابيين الظلاميين في جحورهم والقضاء عليهم، حتى لم يجدوا لهم ملاذاً آمناً؛ ففروا إلى خارج الوطن ملتجئين في مناطق الصراع والفوضى وممارسين هناك إجرامهم وتخريبهم ومعتقداتهم الفاسدة، ثم اتجه إلى تطوير المفهومات الفكرية الاجتماعية من خلال تطوير مناهج التعليم والإعلام والبعثات وتحريك عجلة الاقتصاد والبناء وإشراك المرأة في ذلك كله فدخلت عضواً في مجلس الشورى ومديرة لجامعة ومشاركة فاعلة ومؤثرة في التنمية كافة.
لقد سعى الملك الشجاع وخلال عقد واحد من الزمن إلى نقل البلاد إلى مواكبة الحداثة العالمية؛ فسرع من حركة إنشاء منظومة هائلة من مؤسسات التعليم الجامعي مضافة إلى ما يقرب من مائتي ألف مبتعث إلى أفضل جامعات العالم، وأصبح لدينا أكثر من أربعين جامعة منها جامعة عالمية؛ هي جامعة «كاوست» للعلوم والتقنية، وسينشأ هذا العام ثلاث جامعات جديدة، وهو الشأن نفسه في الجانب الطبي؛ فقد أضاف إلى ما كان موجوداً مدناً طبية، وستبنى خلال هذا العام خمس مدن جديدة، وكذلك المدن الاقتصادية، ومركز الملك عبد الله المالي، ومطارا جدة والرياض، وخطوط السكك الحديدية والمترو.
أما الحكمة على المستوى العربي؛ فتتبين بجلاء في إدراكه العميق ما يكيده الأعداء للأمة من خلال التحالفات والمؤامرات التي تديرها أجهزة مخابرات دولية لإعادة رسم خارطة المنطقة من خلال ما عرف بـ»الفوضى الخلاقة» ويقوم على تنفيذها منظمات مجتمع مدني متبناة وجماعات «إسلام سياسي» تتخذ من الدين غطاءً للوصول إلى أهدافها؛ كجماعة الإخوان المسلمين، فواجه تلك المؤامرة التي أوشكت أن تختطف مصر، ووقف مع حركة التصحيح التي نهض بها الجيش المصري، ثم دعا إلى مواجهة فكر «داعش» وأبان خطرها الداهم على المنطقة وشاركت المملكة في اجتثاثها والقضاء عليها قريباً إن شاء الله.
ومن مساعيه الحكيمة الخيرة ما تم من صلح ووفاق بين مصر وقطر؛ لتوحيد الصف العربي للوقوف في وجه التخريب والفوضى.
شفى الله مليكنا وعافاه.