من المعلوم أن ألمانيا استعانت بأفواج من العاملين الأتراك أوائل الستينيات الميلادية في إعادة إعمارها ونهوضها الاقتصادي الذي قادها لتتبوأ أقوى اقتصاد في أوروبا والثالثة عالميًا.
يبلغ تعداد الألمان من أصل تركي ثلاثة ملايين، مشكلين مكونًا أساسيًا للمجتمع الألماني ومحركًا لاقتصاده.
تشهد ألمانيا حاليًا موجة مضادة للمهاجرين على المستوى الشعبي، والعلة كما أولاً وعبر التاريخ إنما الاقتصاد، الموارد والخدمات التي تمتاز بها هذه الدولة يشكل المهاجرون ضغطًا متواصلاً عليها حسب ما يراه قطاع من الألمان، بالنظر إلى أن ألمانيا تعد من الدول المستقبلة للمهاجرين الفارين من ويلات الحروب والفقر والكوارث، إلى جانب أن ألمانيا تشهد تراجعًا في عدد السكان هي وبريطانيا وفرنسا نتيجة التراجع الحاد في نسب الزواج واعتماد المعايشة مع تقليل أو إهمال الإنجاب. حقيقة تجبر ألمانيا العالم على احترامها وهي التي استضافت عام 2014 م ما يزيد على 200.000 لاجئ، حتى أن الرئيس يواخيم غاوك انتقد المظاهرات الأخيرة والموجة العنصرية المضادة للأجانب ولأسلمة ألمانيا كما يرى اليمين المتطرف وقطاع من الشعب. خطاب الرئيس الذي ألقاه عشية الميلاد اتسم بالإنسانية ولطف التدبير الدبلوماسي.
هي قوة الدول حقيقة في أنظمتها وقوانينها ومتانة اقتصادها برغم الأزمات بل وقوتها العسكرية، كل هذه المزايا تجعل من فتح باب الهجرة أمرًا مجزيًا لها اقتصاديًا في المقام الأول دون ارتياب من تأثيرات كبيرة، شرط اندماج المهاجرين في مجتمعهم الجديد. وهذا ما يشكل هاجسًا للحكومات المستضيفة ومنها الألمانية.
إذا أدركنا أن أربعة آلاف ألماني يعتنقون الإسلام سنويًا نفهم سبب تخوف اليمين المتطرف من أسلمة ألمانيا كما بقولون.
وفي رأيي أن الجالية المسلمة والألمان المسلمين يتعرضون في الوقت الراهن لهجوم لم يسبق له مثيل، كما بقية المسلمين في أوروبا. إلا أنه لا يمكن التغاضي كذلك عن ممارسات بعض المسلمين هناك التي تسيء إلى الإسلام وتخدم أعداءه. التعايش الذكي دون فقدان الدين والهوية الأصلية. والاندماج الصحي مع المجتمع الجديد هو الوسيلة الأنجح للجالية المسلمة في ألمانيا وباقي أوروبا لصد أي هجوم مغرض عليهم كمسلمين من جهة وكمهاجرين من جهة أخرى، وهذا ينطبق على أي وافد أيًا كانت ديانته أو جنسيته. طابت أوقاتكم.