بمناسبة العام الجديد، وصلتني رسالة من صديق، تتحدث عن أهمية العلاقات الاجتماعية، وفي بداية الرسالة تحدث صاحبي عن قصة الرجل الشهيرة، والتي تتحدث عن «الغضب» و» الحب»، إذ كان هذا الرجل يلمع سيارته الجديدة، وفجأة أخذ طفله الصغير حجرا، وبدأ يحكه على الجزء اللامع من السيارة، وفي لحظة غضب، أمسك الوالد بيد طفله، ودون أن يدرك، ضربه على أصابعه بقوة، مستخدما أداة حادة، ثم أخذ الطفل للمستشفى، وقرر الأطباء استئصال أصابع الطفل!، وعندما زار الرجل طفله في اليوم التالي، سأله الطفل: «متى ستنمو أصابعي يا أبي؟»، وفي لحظة ندم عظيمة، ذهب الرجل إلى سيارته، وأخذ يضربها بعنف، ثم جلس ليستريح، وأثناء جلوسه لاحظ أن ابنه لم يكن يحك السيارة بالحجر، بل كتب عليها عبارة: «أحبك يا أبي»!، ولم يستطع الرجل أن يعيش مع عقدة الذنب، فانتحر!.
هذه العلاقة الجامحة بين الغضب والحب لا حدود لها، وبالتالي فإن الصديق الذي أرسل الرسالة أعلاه كان ينصح أصدقاءه بأن يختاروا طريق الحب، لا طريق الغضب، من أجل حياة سعيدة، كما يريدنا أن نتذكر بأن «الأشياء ، مثل السيارة، والملابس هي للاستخدام، وبالتالي يمكن استبدالها في أي وقت، أما العلاقة مع الناس، خصوصا القريبين منا، فهي أمر في غاية الأهمية، ولا يمكن تعويضها، ويتحسر الصديق، في رسالته، على الحقيقة المرة، والتي تفيد بأن الموازين تغيرت، فأصبح الناس يهتمون بالأشياء، على حساب علاقاتهم مع الآخرين، بما في ذلك أقرب الناس إليهم، ويؤكد على أننا يفترض أن نستلهم مفهوم « الصداقة « من «العينين»، فهما ينظران معا، ويبكيان معا، وينامان معا، ويتحركان معا، ويرمشان معا، مع أنه لم تر إحداهما الأخرى أبدا !!.
لعل هذا العام، عزيزي القارئ، يكون بداية لتغيير أشياء كثيرة، ومن ضمنها التمعن في مفهوم «الحب»، والصداقة»، وهي القيم التي تكاد أن تضمحل، في ظل حياتنا المادية، والتطور التكنولوجي، الذي حول البشر إلى مجرد أدوات، تجلس مع بعضها أجسادا، ولكنها تعيش منفردة، حتى داخل البيت الواحد، ولنتذكر أنه لولا طغيان «الأشياء» على العلاقة الروحية بين الناس لما حدثت كثير من المصائب التي نعايشها كل يوم، فلنحرص على أن يكون عامنا خيراً من سابقه، وأن لا يمر دون أن نغير شيئا من أساليب حياتنا القديمة، وأختم بهذه المقولة العميقة: «بعض الكلمات تستقر في القلوب كرؤوس الإبر.... متى ما تحرت أوجعتك»!!.