رحلة عائلة هندية من الهند إلى أوروبا، محطتها الأولى لندن التي لم تأتلف معها الأسرة التي امتهنت الطبخ منذ عقود، وتركت مومباي بعد أن توفت الأم بحادث حريق مفتعل لمطعمهم هناك بسبب غيرة أصحاب المهنة.
لم يكن في لندن للخضار والفاكهة (كما قال الأب الهارب بأسرته) مذاق يشعر به بحواسه وإحساسه، الأرض باردة تماماً كما المدينة، فشرع الأب يكمل رحلته مع أبنائه إلى أوروبا حتى قُدّر لهم وتوقفت بهم السيارة التي تعطلت في إحدى قرى فرنسا حيث التقوا فتاة قدمت لهم العون والطعام الذي شعروا بلذته الشديدة وهم يتناولونه، شعروا بغنى الأرض وعطائها ولذة محصولها وكان هذا سبباً لاختيارهم فرنسا للاستقرار بها وبدء العمل كطهاة قادمين من الشرق الآسيوي بكل ما تتميز به أطباق تلك البلاد من بهارات وتوابل حارة.
تبدأ رحلة المنافسة بعد ذلك بينهم وبين الجارة المقابلة للمكان الذي ابتاعوه لإقامة مطعم مومباي الهندي، والكثير من الحيل قامت بها لإزعاجه وإرغامه على مغادرة المكان في محاولات كلها يائسة، حتى تجرأ كبير الطهاة لديها وأقدم على حرق المطعم الهندي الذي تضرر فيه الطاهي الأساسي ابن المالك، ولما شعرت الجارة الفرنسية بالخزي مما فعله موظفها ذهبت لتنظف ما كتب على جدران الطاهي الهندي من عبارات مهينة تسيء لوطنها فرنسا ولما التفت الهندي لما تقوم به بيدها وتحت سماء ممطرة وحاول إقناعها انه سينظف الجدار بنفسه؛ لكنها أصرت على تنظيف الجدار من عبارات عنصرية وأخبرته أنها تفعل هذا لأجل فرنسا.
المغزى من سرد ملخص حكاية الفيلم أن الوطن الذي هو أهم ما يملك الإنسان هو من يستحق البذل والتضحية لإبقائه نقياً نزيهاً عن الفكر الأسود لبعض الشاذين فيه، وأن التعايش هو سبيل استمرار الحياة، وأن الانتقام للعنصرية هو أمر مقيت لا يضر بالشخص فقط بل يسيء للوطن بأكمله، وإن كلمات المرأة الفرنسية التي تحاول تجاوز خلافاتها الشخصية وتقوم بتنظيف ما كتب شارحة الموقف بأن بلادها لا تقبل بهذه التفاهات وأن فرنسا مثال للبلد المنفتح المتعدد الثقافات وأن الشعوب التي ترفض الآخر هي شعوب خاسرة تسيء لوطنيتها.
هي فعلا رحلة.. لكن رحلة شرحها وجود علاقة بين الإنسان والأرض وكائناتها حيث لا يستطيع العيش بعاطفة باردة، دون أن تتعمق صلته بالكائنات ومن ثم يمنحها حواسه وإحساسه وشعوره العميق.
الفن الهادف هو من يمنحك عملا هادفاً جميلاً يصعد بروحك إلى الفردوس ويغلف لك المعلومة بورق هدايا، يشوقك لسبر أغوارها، إننا ننتظر من كتابنا المزيد من سيناريوهات تصلح لترجمتها عملا أدبياً خالصاً يرتقي بالذائقة ويقدم ما يليق، كما قنوات تلفزيونية تستقطب تلك المؤهلات، وتوجههم لتحويل موادهم الإبداعية إلى قصص تسهم في الثراء الفكري والمعرفي والثقافي.