ترددت كثيرا كيف سأعبر ككاتبة رأي عن الفساد بمناسبة يومه العالمي، هل سأكتب مقالا توعويا أو لعلي أقلب مواجع القارئ الكريم حين أتطرق لأبرز أوجه الفساد المتفشي في مجتمعاتنا العربية؟
حين تابعت عبر شاشة التلفاز المؤتمر الذي حضره معالي د. محمد الشريف رئيس هيئة مكافحة الفساد بهذه المناسبة وتحدث فيه لمراسل التلفزيون السعودي مؤكدا على الإعلام بأنه شريك أساسي مع الهيئة في مكافحة الفساد وتوضيح أوجهه وحالاته وممارساته، يجعلني أناقش أمرا مهما وأطرح السؤال التالي: هل نجحت وسائل الإعلام في التواصل الحقيقي مع هيئة الفساد؟ هل أدت هذه الوسائل سواء المقروءة أو المرئية أو المسموعة الدور الذي لا بد أن تقوم به كونها وسائل تواصل وتوعية وقناة من القنوات التي تصل المسؤول بالمجتمع والقضية إلى طاولة المسؤول؟
وإلى أي مدى تفاعلت الهيئة مع هؤلاء الإعلاميين الذين حملوا رسالة جعلوا الوطن أهم حروفها؟
سواء كنّا أصحاب مهنة في الإعلام أو من أمة محمد فإن علينا تلبية أمر قدوتنا حين قال؛ من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان.
أوليس الفساد بمنكر، والمنكر رذيلة وتهلكة، وهلاك أمتنا بصمتها، وحادثة السفينة أقرب مثال؛ فمجتمعنا كالسفينة تمخر عباب الحياة، إن همّ واحدنا بنقرها بفأس ولم نمنعه هلك وهلكنا وإن منعناه نجا ونجونا.
الفساد تفشى واستفحل حتى بات واقعا مسلما به، واعتدناه وكأنه أمرا مقضيا، وإنني هنا إذ أود أن أشير إلى أمور كثيرة تدخل حسب ظني في دائرة الفساد فإنني أوجهها كرسالة لمعالي د. الشريف الذي أقدر كثيرا التفاتته للإعلام وتعويله عليه. فإلى أي مدى يمكن أن يكون للإعلامي الجاد المكافح اعتبارا وإلى أي مدى الأبواب مفتوحة له للتواصل والتعبير عن رأيه؟
لقد آثرت هنا أن أكتب عن أمور مرت بي شخصيا وتعيشها شريحة كبيرة في المجتمع قد لا تجد سبيلا لتعريتها ووضعها على طاولة المسؤول وإني لألتمس أن أجد ما يردع هذه الجهات التي لا أعتبر ما صدر ويصدر عنها إلا فساد يضر بالمجتمع ويستنزف الوقت والطاقات والمال.
ماذا عن الأخطاء الطبية لأطباء مستقدمين من الخارج ومن المفروض أن تكون كفاءاتهم تفوق ما هو موجود، السؤال هو هل يخضع هؤلاء لاختبارات قبل بدء عملهم داخل المملكة؟
هل يتجاوب المسؤول في أي موقع كان مع الشكاوي التي تقدم له وإلى أي مدى يتم متابعتها والوصول بها لحل يُطفئ حرقة المتضرر والذي ما سعى للمسؤول إلا وفاض به الغيظ؟
المستشفيات التي يمكن أن تخطئ في تقرير طبي قد يعرض حياة المريض إلى خطر بغرض استنزاف شركات التأمين التي لبعضها حكاية أخرى ومعاناة يعيشها المرضى، وخروج هذه الفئة من دائرة الخدمات الإنسانية إلى شركات ربحية تجارية لا يهمها إلا الربح على حساب المستهلك.
المشاريع المتعثرة التي تجاوزت الوقت المحدد لتسليمها ومثال على هذا نظام الشقق السكنية الحديثة العهد في المملكة في الأبراج أو غيرها وعدم خضوعها للمواصفات والمقاييس كما المبالغ التي دفعت لها!
اطلعت قبل أيام على خبر يثلج الصدر من هيئة الفساد نشر في إحدى الصحف اليومية مفاده «نزاهة تدرج ثرثرة زملاء العمل والتأخر عن الدوام ضمن دائرة الفساد»، أليس فسادا ما يشكل مضيعة للوقت واستهتارا بالناس!
وعدم تنفيذ العقوبة ضرب من الفساد وهو موقف أكثر من رائع لهيئة الفساد.
الأمر لا يتوقف عند هذه الأمور البسيطة لكن ما ذكرت هو بعض ما يمكنه أن يشكل مشكلة لشريحة كبيرة قد لا تحسن تقديم شكوى أو ليس لديها الوعي الكافي لتدرك مواقع الفساد والطريق إلى المسؤول الذي قد لا يتجاوب.
عزيزي القارئ.. كن لسان وطنك.. لك في نبي الله قدوة حسنة تلبي دعوة السماء لتصلح الأرض ومن عليها.