* قلما يجتمع الناس أو أغلبهم على باطل، والمحبة والتقدير للمسؤول في بعض صورها شعور غير إرادي يخترق أعشار قلب، ويظل الرأي العام وصوت الشعب له ثقله وتقديره واحترامه، والحكومات الواعية بدأت تدرك ذلك، وتحسب للمسؤول تلمس احتياجات الأفراد في جميع فئاتهم، بل أمست تتبع كل الوسائل الممكنة لعملية التواصل والاتصال، وتقديم الخدمات للمواطن بأيسر السبل وأسهلها، ولهذا فليس من الغريب أن يتسع لدى بعض الحكومات مفهوم الأمن،
ليشمل الأمن الغذائي، والمائي، والاجتماعي، والثقافي، والوظيفي، والصحي، وأن يظل لهذه العناصر ثقل كبير في تقدير الدول، لأن الفرد في هذا العصر أصبح من هاتفه، ومن جهاز الكمبيوتر يدير وسائط إعلامية كبيرة، ويؤثر في وسط لا يستهان به في لمحة بصر. والتقنية تتطور، والإنسان يقودها بفعالية عالية، يدرك ذلك من يدرك، ويجهلها من يجهل.
* في تقييم وزارة التجارة، ممثلة بوزيرها الشاب النشط، المواطن يعي تمام الوعي أن تضخم المعيشة في ازدياد، وأسعار المواد الاستهلاكية مرتفعة، والاحتكار ضارب بأطنابه، والغش التجاري مستشرٍ، ومن المؤكد أن هناك تباينًا لدى المواطنين في إدراك أن ما أشرت إليه أصبح ظاهرة في كل دول العالم إلى حد كبير، وتعليل ذلك يصعب إدراكه، ومعرفة أسبابه القاطعة، ومع هذه المؤشرات ظلت شعبية وزارة التجارة ووزيرها في ازدياد، لأن الثقة موجودة، وربما الكثير يدرك أن هناك رؤية، وأهدافًا، ووسائل للتنفيذ واضحة ومدروسة، والأكثر غرابة في هذا الموضوع أن المناهضين لسياسة الوزارة، المتصيدين لعثراتها وهفواتها، أو ممن يقود محاربة النجاح في أي جهاز لم يستطيعوا أن يؤثروا على الرأي العام، مع أنهم دخلوا مع منافذ لا تخطر على بال، بل الأغرب من ذلك أنه وحينما يشاد بوزير من مسؤول في جهاز له علاقة من حيث المهام بتقييم أداء المؤسسات ومراقبتها نجد من ينتقده بتلك الخطوة، متناسيًا أن تعزيز السلوك الإداري المتميز من مهام واختصاص بعض الجهات الحكومية، بل إن تجاهل ذلك يعد تقصيرًا من تلك الجهة في أداء مهامها، وما أنيط بها من اختصاصات، فالرصد للإيجابيات والسلبيات والإعلان مطلب كبير في هذا العصر.
* وزير التجارة قاد الإعلام ولم يقده الإعلام، أو يؤثر ذلك الأثر الملموس في خططه ورؤيته ورسالته، لم يخرج على الملأ ويصرح بومًا أن وطئت قدماه بلاط الوزارة، بل أمّ موظفي مكتبه في الصلاة فيما سمعت، وهذه إحدى الرسائل ذات الأثر العميق في تنمية المهارات الوجدانية للمرؤسين لمن يفطن لذلك (وزير التجارة والصناعة) لم يغازل أحلام الشعب بوعود عريضة، لم يتخذ من لغة الوعد والوعيد أسلوبًا أمام من يتعامل معهم في وزارته. عباءة الوزير التقليدية يرتديها في المجلس الرسمي لمجلس الوزراء، وفيما سوى ذلك هو واحد من أفراد فريق واحد في جهاز الوزارة. استشعر كل موظف، صغيرًا، أو كبيرًا هذا السلوك، فأخلصوا لمهام الوظيفة وأهدافها عن إيمان.
* من المؤكد أن وزير التجارة والصناعة بقية من فئة مخلصة من الوزراء قادوا وزارات عديدة منهم من قضى نحبه، بعد أن جاهد في فكره الإداري، وفي فكره التنويري، معلنًا ذلك حينًا، ومؤثرًا العمل بصمت في أحايين أخرى، لكنه ترك ذكرى عبقة، وسيرة حسنة حينما ترجل. ومازال فئة أخرى يؤدون رسالتهم الوطنية والاجتماعية، والتاريخ سينصفهم بلا شك.
* على أي حال كان هذا الوزير، أو غيره، سيظل الناس هم شهداء الله في أرضه، ولن نجد ذلك الرضا المطلق، لأن البشر مهما كان عطاؤهم وعملهم لا بد أن يعتوره الخطأ والقصور، وبخاصة القائد الإداري الفاعل في جهازه، أما ما سوى ذلك فسيحافظ على الأنظمة واللوائح بلا شك بأضابير آمنة في جهاز مؤسسته، وسيشهد عليه التاريخ بإعاقة التنمية في بلاده، في عصر نحن أحوج فيه إلى التنافس.